صِفةِ الماليةِ إذا لم يَثبُتْ له حَقُّ تَملُّكِ العَينِ، ولا يَدخلُ عليه المَرهونُ؛ لأنَّ المُرتهَنَ هناك يَحبِسُ المَرهونَ بإِيجابِ الراهِنِ مِلكَ اليَدِ له في العَينِ، وإنْ كانَ عندَ الهَلاكِ يَصيرُ مُستوفيًا دَينَه باعتِبارِ الماليةِ.
ثم عندَ المُجانَسةِ إذا طلَبَ الثانِي يَمينَ المُودَعِ الأولِ كانَ له أنْ يَحلفَ باللهِ:«لا يَلزَمُني تَسليمُ شَيءٍ إليك».
فإنْ قالَ للقاضي:«حَلِّفْه باللهِ: ما استَودَعتُه كذا»، فله ذلك، إلا أنْ يُؤديَ المُدَّعى عليه فيَقولَ: قد يُودِعُ الرَّجلُ غيرَه شَيئًا ثم لا يَلزمُه تَسليمُ شَيءٍ إليه، فإنْ أدَّى بهذه الصِّفةِ، فقد طلَبَ من القاضِي أنْ يَنظُرَ له فيُجيبَه إلى ذلك.
فأمَّا إذا لم يَذكُرْ هذا فإنَّ القاضِي يُحلِّفُه كما طلَبَ الخَصمُ:«باللهِ ما أودَعَه ما يَدَّعي»، ثم لا يَنبَغي له أنْ يَحلِفَ على ذلك؛ لأنَّه يَكونُ كاذِبًا في يَمينِه، ولا رُخصةَ في اليَمينِ الكاذِبةِ، فطَريقُ التَّخلُّصِ له أنْ يُعرِّضَ للقاضي بما ذَكَرنا، أو يَحلِفَ:«ما استَودَعتَني شَيئًا إلا كذا وكذا»، فيَستَثنيَ ذلك بكَلامِه ويُخفيَه من خَصمِه ومن القاضِي، ويَسعُه ذلك لأنَّه مَظلومٌ دافِعٌ للضَّررِ عن نَفسِه غيرُ قاصِدٍ إلى الإِضرارِ بغيرِه، إلا أنَّ مُجردَ نيَّتِه لا تَكفي لذلك؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى إِخراجِه من جُملةِ ما يَتناوَلُه كَلامُه لولا الاستِثناءُ، وذلك يَحصلُ بالنِّيةِ؛ لأنَّ الاستِثناءَ بَيانُ أنَّ كَلامَه عِبارةٌ عمَّا وَراءَ المُستَثنَى، فلا يَحصُلُ ذلك إلا بما يَصلُحُ أنْ يَكونَ ناسِخًا أو مُعارِضًا، ومُجردُ النِّيةِ لا تَصلحُ لذلك، فلهذا شُرِط التَّكلمُ بالاستِثناءِ.