للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانَت تَصحُّ إِجارتُها؛ لأنَّ المَنافعَ مُتقوَّمةٌ فكانَت مَضمونةً بالغَصبِ كالأَعيانِ.

قالَ الإِمامُ العِمرانِيُّ : مَنْ غصَبَ عَينًا لغيرِه، وهو مِنْ أهلِ الضَّمانِ في حَقِّه، وأَقامَت في يَدِه مُدةً لمِثلِها أُجرةٌ، فإنْ كانَ لمِثلِ تلك العَينِ مَنفعةٌ تُملَكُ بالإِجارةِ، كسُكنى الدارِ وزِراعةِ الأرضِ وخِدمةِ العَبدِ والجاريةِ وما أشبَهَ ذلك وجَبَ على الغاصِبِ أُجرةُ مِثلِها لتلك المُدةِ، سَواءٌ انتفَعَ بها أو لم يَنتفِعْ بها، وإنْ كانَت المَنفعةُ لا تُستباحُ بالإِجارةِ كمَنفَعةِ وَطءِ الجاريةِ لم يَجِبْ عليه ضَمانُها؛ لأنَّ الغَصبَ لا يَمنعُ المالِكَ من المُعاوَضةِ على بُضعِها، وهو عَقدُ النِّكاحِ، ويَمنعُه من إِجارتِها، هذا مَذهبُنا، وبه قالَ أَحمدُ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ: (لا يَجبُ عليه ضَمانُ أُجرةِ المَنافعِ بحالٍ).

دَليلُنا: أنَّ ما صَحَّ أنْ يُملَكَ بالمُسمَّى في العَقدِ الصَّحيحِ، وبالمِثلِ في العَقدِ الفاسِدِ، وهو ممَّا يُطلَبُ بعَقدِ المُغابَنةِ ضُمِنَ بالغَصبِ كالأَعيانِ.

فقَولُنا: (وهو ممَّا يُطلبُ بعَقدِ المُغابَنةِ) احتِرازٌ من مَنفعةِ الاستِمتاعِ (١).

وقد تَقدَّمَ قَولُهم مُفصَّلًا في الحالةِ الأُولى السابِقةِ.


(١) يُنْظَر: «البيان» (٧/ ١١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٩٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٥٧)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ١٩٤)، و «الديباج» (٢/ ٣٩٢)، و «المغني» (٥/ ١٦٩)، و «المبدع» (٥/ ١٨٥)، و «الإنصاف» (٦/ ٢١، ٢٠٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٦٣، ١٦٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>