للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلِفَ ذلك في استِخدامِه أو رُكوبِه غرِمَ القيمةَ ولم يأخُذْ شَيئًا يُغرَمُ منه، فإنْ أكراه ثم تلِفَ فقد اعتاضَ الكِراءَ الذي يُغرَّمُ منه.

ووَجهُ القَولِ بأنَّ المَنافعَ غيرُ مَضمونةٍ أصلًا قَولُه : «الخَراجُ بالضَّمانِ»، ولأنَّ الغاصِبَ لمَّا كانَ ضامِنًا للعينِ بقيمَتِها يَومَ الغَصبِ لم يَكُنْ لمَنافعِها حُكمٌ في الضَّمانِ؛ لأنَّها مُتابِعةٌ للعَينِ، فأمَّا إنِ اختارَ المالِكُ أخْذَ العَينِ ولا يَرجعُ بشَيءٍ أو ضمَّنَه قيمَتَها يَومَ الغَصبِ، ولأنَّ الضَّمانَ بالجِنايةِ آكَدُ من الضَّمانِ بالاستِخدامِ وغيرِه، وقد بيَّنَّا أنَّ الغاصِبَ لو جَنى على بَعضِ أَطرافِ المَغصوبِ لم يَكُنْ للمالِكِ إلا أخْذُه ناقِصًا بالأَرشِ، أو إِسلامُه والرُّجوعُ بالقيمةِ يَومَ الغَصبِ، فكانَ بألَّا يَرجعَ في المَنافعِ أوْلى.

ووَجهُ القَولِ بأنَّه يَرجعُ عليه في كلِّ ذلك قَولُه : «لا يَحلُّ مالُ امِرئٍ مُسلمٍ إلا عن طِيبِ نَفسٍ منه» (١)، ولأنَّه انتفَعَ بمِلكِ غيرِه من غيرِ مِلكٍ ولا شُبهةٍ، فلزِمَه قيمةُ ما انتفَعَ به، أصلُه إذا ابتدَأَ الاستِخدامَ والسُّكنى من غيرِ غَصبٍ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.
(٢) «المعونة» (٢/ ١٩٢، ١٩٣)، ويُنْظَر: «المدونة الكبرى» (١٤/ ٣٤٥)، و «البيان والتحصيل» (١١/ ٢٧٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٣٠٩، ٣١٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٣٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٦٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٩١)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>