وقالَ المالِكيةُ في المَشهورِ: مَنْ غصَبَ شَيئًا من المُقوَّماتِ كحَيوانٍ فأتلَفَه فإنَّه يُغرَّمُ قيمَتَه يَومَ غَصبِه.
وقالَ أشهَبُ: تَلزمُه أَعلى قيمةٍ مَضَت عليه من غَصبِه إلى يَومِ تَلفِه (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ (وأشهَبُ من المالِكيةِ وأَحمدُ في رِوايةٍ) إلى أنَّ المَغصوبَ المُتقوَّمَ يُضمَنُ بأَقصى قيمةٍ من وَقتِ الغَصبِ إلى وَقتِ التَّلفِ؛ لأنَّه في حالِ زِيادةِ القيمةِ الغاصِبُ مُطالَبٌ بالرَّدِّ، فإذا لم يَردَّ ضمِنَ بَدلَه، بخِلافِ ما لو رَدَّه بعدَ الرُّخصِ، فإنَّه لا يَضمَنُ شَيئًا؛ لأنَّه مع بَقاءِ العَينِ يُمكنُ تَوقُّعُ الزِّيادةِ في المُستقبلِ، فلم تُغيَّرْ بالكُليةِ.
ولا فَرقَ في اختِلافِ القيمةِ بينَ تَغيُّرِ السِّعرِ أو تَغيُّرِ المَغصوبِ في نَفسِه، ولا عِبرةَ بالزِّيادةِ بعدَ التَّلفِ.
وفي الإِتلافِ للمُتقوَّمِ بلا غَصبٍ يُضمَنُ بقيمةِ يَومِ التَّلفِ؛ لأنَّه لم يَدخُلْ في ضَمانِه قبلَ ذلك، وما بعدَ التَّلفِ فلا وُجودَ له، وهو مَعدومٌ؛ لأنَّ ضَمانَ الزائِدِ في المَغصوبِ إنَّما كانَ لتَعدِّيه، وهنا لا عُدوانَ، وتُعتبَرُ
(١) «مواهب الجليل» (٧/ ٢٥٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٣٠٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٣٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٦٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٨٨) قالَ القاضي عبدُ الوَهابِ المالِكيُّ في «المعونة» (٢/ ١٨٨): والقيمةُ المُعتَبَرةُ يَومَ التَّعدي والجِنايةِ لا يَومَ الحُكمِ؛ لأنَّ الحُكمَ مُعلَّقٌ بذِمتِه بالتَّعدي لا بالحُكمِ إذ مُطالَبةُ الحاكِمِ إنَّما هي بأمرٍ قد تقدَّمَ وُجوبُه، وإنَّما يَنكشِفُ بالحُكمِ بمِقدارِ ما اشتَغَلت به ذِمتُه.