للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ سلَّمنا فلأنَّه وجَبَت قيمةُ العَينِ أكثَرَ ما كانَت قيمَتُها فدخَلَت في التَّقويمِ، بخِلافِ ما إذا رَدَّها؛ فإنَّ القيمةَ لا تَجبُ، ويُخالِفُ السِّمَنَ فإنَّه من عَينِ المَغصوبِ، والعِلمُ بالصِّناعةِ صِفةٌ فيها، وههنا لم تَذهَبْ عَينٌ ولا صِفةٌ، ولأنَّه لا حَقَّ للمَغصوبِ منه في القيمةِ مع بَقاءِ العَينِ، وإنَّما حَقُّه في العَينِ، وهي باقيةٌ كلُّها كما كانَت، ولأنَّ الغاصِبَ يَضمَنُ ما غصَبَ، والقيمةُ لا تَدخلُ في الغَصبِ، بخِلافِ زِيادةِ العَينِ، فإنَّها مَغصوبةٌ وقد ذهَبَت (١).

والمَشهورُ عندَ المالِكيةِ أنَّ النَّقصَ لأجْلِ الأَسواقِ في بابِ الغَصبِ غيرُ مُعتبَرٍ بخِلافِه في بابِ التَّعدِّي فإنَّه مُعتبَرٌ، والمَعنى أنَّ مَنْ غصَبَ دابةً مَثلًا ثم وجَدَها رَبُّها وقد نقَصَت أَسواقُها فإنَّه يَأخُذُها ولا شَيءَ له على الغاصِبِ، وسَواءٌ طالَ زَمانُها عندَ الغاصِبِ أو لا، فإنْ زادَت للأَسواقِ عندَ الغاصِبِ فلا كَلامَ لرَبِّها من بابِ أوْلى، وإنْ كانَت نقَصَت في بَدنِها فلرَبِّها أنْ يُغرِّمَ الغاصِبَ قيمَتَها يَومَ الغَصبِ بخِلافِ بابِ التَّعدِّي، فإنَّ رَبَّها إذا وجَدَها وقد نقَصَت في أَسواقِها فله أنْ يُضمِّنَ المُتعدِّيَ قيمَتَها يَومَ تَعدَّى عليها؛ لأنَّه حبَسَها عن أَسواقِها.

ومِن «المُدوَّنة»: ما اغتَصَبه غاصِبٌ فأدرَكَه رَبُّه بعَينِه لم يَتغيَّرْ في بَدنِه فليس له غيرُه، ولا يُنظرُ إلى نَقصِ قيمَتِه باختِلافِ سُوقِه طالَ زَمانُ ذلك سِنينَ أو كانَ ساعةً واحِدةً، إنَّما يُنظرُ إلى تَغيُّرِ بَدنِه.


(١) «المغني» (٥/ ١٥١، ١٥٢)، و «المبدع» (٥/ ١٦٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>