للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن شاءَ فارقَه وسلَّم، وإن شاءَ انتظَرَه لِيسلِّمَ معه، والأفضَلُ انتِظارُه.

وإن صلَّى المَغربَ خلفَ الظُّهرِ وقامَ الإمامُ إلى الرَّابعةِ لم يَجُز لِلمَأمومِ مُتابعَتُه، بل يفارِقُه ويتشهَّدُ، وهل له أن يُطيلَ التشهُّدَ ويَنتظِرَه؟ فيه وَجهانِ، حَكاهما إمامُ الحَرمَينِ وآخَرونَ، أحَدُهما: له ذلك، كما قُلنا فيمَن صلَّى الصُّبحَ خلفَ الظُّهرِ، والآخَرُ قالَ إمامُ الحَرمَينِ: وهو المَذهبُ: لا يَجوزُ؛ لأنَّه يُحدِثُ تَشهُّدًا وجُلوسًا لم يَفعله الإمامُ، ولو صلَّى العِشاءَ خلفَ التَّراويحِ جازَ، فإذا سلَّم الإمامُ قامَ إلى رَكعتَيهِ الباقيَتَينِ. والأَولَى: أن يُتمَّها مُنفرِدًا؛ فلو قامَ الإمامُ إلى أُخرَيَينِ مِنْ التَّراويحِ فنوَى الاقتِداءَ به ثانِيةً في رَكعتَيهِ، ففي جَوازِه القَولانِ فيمَن أحرَم مُنفرِدًا ثم نوَى الاقتِداءَ، الأصحُّ الصِّحَّةُ، وهذا كُلُّه إذا اتَّفقتِ الصَّلاتانِ في الأفعالِ الظَّاهرةِ، فلو اختلَفتا بأنِ اقتَدَى مَنْ يُصلِّي كُسوفًا أو جِنازةً بمَن يُصلِّي ظُهرًا أو غيرَها أو عَكسَه فطَريقانَ، أصحُّهما، وبه قطعَ العِراقيُّونَ: لا تَصحُّ؛ لتعذُّرِ المُتابَعةِ، والآخَرُ: على وجهَينِ: أحَدُهما: هذا، والآخَرُ: يَجوزُ، وهو قولُ القَفَّالِ؛ لِإمكانِ المُتابَعةِ في بَعضٍ، فعَلى هذا إذا صلَّى الظُّهرَ خلفَ الجِنازةِ لا يُتابِعُه في التَّكبِيراتِ والأذكارِ بينَها، بل إذا كبَّر الإمامُ الثانيةَ تخيَّر المَأمومُ إن شاءَ أخرَج نَفسَه مِنْ المُتابَعةِ، وإن شاءَ انتظَرَ سَلامَ الإمامِ، وإذا اقتَدَى بمُصلِّي الكُسوفِ تابعَه في الرُّكوعِ الأوَّلِ، ثم إن شاءَ رفعَ رَأسَه معه وفارقَه، وإن شاءَ انتظَرَه في الرُّكوعِ. قالَ إمامُ الحَرمَينِ وغيرُه: وإنَّما انتظَرَه في الرُّكوعِ لِيَعُودَ الإمامُ إليه ويَعتدِلَ معه عن رُكوعِه الثاني ولا يَنتظِرُه بعدَ الرَّفعِ؛ لمَا فيه من تَطويلِ الرُّكنِ القَصيرِ. قالَ البغَويُّ: ولو أدرَكَه في الرُّكوعِ الثاني مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>