وقالَ شُريحٌ وإِسحاقُ: عليه الوَلاءُ لمُلتَقطِه؛ لمَا رَوى واثلةُ بنُ الأَسقعِ قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «المَرأةُ تَحوزُ ثَلاثةَ مَواريثَ: عَتيقَها ولَقيطَها ووَلدَها الذي لاعَنَت عليه» أخرَجَه أَبو داودَ والتِّرمذيُّ وقالَ حَديثٌ حَسنٌ.
وقالَ عُمرُ لأَبي جَميلةَ في لُقطتِه: «هو حُرٌّ ولك وَلاؤُه وعلينا نَفقتُه».
ولنا: قَولُ النَّبيِّ ﷺ: «إنما الوَلاءُ لمن أَعتقَ»، ولأنَّه لمْ يَثبتْ عليه رِقٌّ ولا على آبائِه فلمْ يَثبتْ عليه وَلاءٌ كالمَعروفِ نَسبُه، ولأنَّه إنْ كانَ ابنَ حُرَّينِ فلا وَلاءَ عليه، وإنْ كانَ ابنَ مُعتَقينِ فلا يَكونُ عليه وَلاءٌ لغيرِ مُعتِقِهِما، وحَديثُ واثلةَ لا يَثبتُ، قالَه ابنُ المُنذرِ، وخبَرُ عُمرَ قالَ ابنُ المُنذرِ: أَبو جَميلةَ رَجلٌ مَجهولٌ لا تَقومُ بحَديثِه حُجةٌ، ويُحتملُ أنَّ عُمرَ ﵁ عَنى بقَولِه: «لك وَلاؤُه» أي لك وِلايتُه -القيامُ به وحِفظُه-، لذلك ذكَرَه عُقيبَ قَولِ عَريفِه إنَّه رَجلٌ صالِحٌ، وهذا يَقتضي تَفويضَ الوِلايةِ إليه لكَونِه مَأمونًا عليه دونَ المِيراثِ.
إذا ثبَتَ هذا فإنَّ حُكمَ اللَّقيطِ في المِيراثِ حُكمُ مَنْ عُرفَ نَسبُه وانقرَضَ أَهلُه، يُدفعُ إلى بَيتِ المالِ إذا لمْ يَكنْ له وارثٌ.
فإنْ كانَ له زَوجةٌ فلها الرُّبعُ والباقي لبَيتِ المالِ، وإنْ كانَت امرَأةً لها زَوجٌ فله النِّصفُ والباقي لبَيتِ المالِ، وإنْ كانَت له بِنتٌ أو ذو رَحمٍ كبِنتِ بِنتٍ أخَذَت جَميعَ المالِ؛ لأنَّ الردَّ وذا الرَّحمِ مُقدمٌ على بَيتِ المالِ (١).
(١) «المغني» (٦/ ٣٩)، و «الكافي» (٢/ ٣٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute