رَجلٌ فأَحياه بمُقامِه عليه ومُراعاتِه حتى عادَ إلى حالِه في السَّيرِ والعَملِ فقد اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِه.
فحُكيَ عن اللَّيثِ بنِ سَعدٍ والحَسنِ بنِ صالِحٍ أنَّه يَكونُ لآخِذِه ومُحْييه دونَ تارِكِه، إلا أنْ يَكونَ تارِكُه ترَكَه ليَعودَ إليه فيَكونُ التارِكُ أَحقَّ به.
وقالَ أَحمدُ بنُ حَنبلٍ وإِسحاقُ بنُ راهَويهِ: إنَّ آخِذَه المُحيي له أَحقُّ مِنْ تارِكِه بكلِّ حالٍ، سَواءٌ ترَكَه ليَعودَ إليه أم لا.
وقالَ مالِكٌ: هو على مِلكِ تارِكِه دُونَ آخِذِه، لكنْ لآخِذِه الرُّجوعُ بما أنفَقَ.
ومَذهبُ الشافِعيِّ ﵀ أنَّه على مِلكِ تارِكِه، وليسَ لواجِدِه الرُّجوعُ بنَفقتِه؛ لقَولِه ﷺ:«لا يَحلُّ مالُ امرِئٍ مُسلِمٍ إلا بطِيبِ نَفسٍ مِنه»، ولأنَّه لو عالَجَ عَبدًا قد أشرَفَ على الهَلاكِ بالمَرضِ حتى ولو استنقَذَ مالًا مِنْ غَرقٍ أو حَريقٍ لَم يَملكْه، فكذا البَهيمةُ.
وحُكيَ عن الحَسنِ البَصريِّ أنَّ مَنْ أخرَجَ مَتاعًا قد غرِقَ مِنْ البَحرِ فقد ملَكَه على صاحِبِه، وهذا شاذٌّ مِنْ القَولِ مَدفوعٌ بالخبَرِ والإِجماعِ، ولكنْ لو وجَدَ في البَحرِ قِطعةَ عَنبَرٍ في المَوضعِ الذي يَجوزُ أنْ يُوجدَ فيه كانَت مِلكًا لواجِدِها في البَرِّ كانَت لُقطةً؛ لعِلمِنا بحُصولِ اليدِ عليها قبلَه، إلا أنْ يَكونَ على الساحِلِ نَضبَ الماءُ عنها، فتَكونُ مِلكًا لواجِدِها؛ لجَوازِ أنْ يَكونَ الماءُ قد أَلقاها حينَ نضِبَ، وهكذا لو صادَ سَمكةً مِنْ البَحرِ فوجَدَ في جَوفِها قِطعةَ عَنبَرٍ كانَت للصَّيادِ إذا كانَ بَحرًا قد يَجوزُ أنْ يُوجدَ فيه العَنبَرُ،