للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانصرَفْنا مِنْ جِنازتِه، ورأَيْنا هِلالَ شَعبانَ، سَنةَ أرَبعٍ ومِائتَينِ (١) وهو ابنُ أَربعٍ وخَمسينَ سَنةً.

وعن أَبي زَكريَّا -يَعني الأَعرَج- قالَ: سمِعتُ الرَّبيعَ يَقولُ: رَأيتُ في المَنامِ، أنَّ آدمَ ماتَ ويُريدونَ أنْ يَخرُجوا بجِنازتِه، فلمَّا أَصبَحتُ، سأَلتُ بعضَ أَهلِ العِلمِ، عن ذلك فقالَ: هذا مَوتُ أَعلمِ أَهلِ الأَرضِ؛ إنَّ اللهَ ﷿ علَّمَ آدمَ الأَسماءَ كلَّها، فما كانَ إِلا يَسيرًا حتى ماتَ الشافِعيُّ (٢).

وغرَبَت بذلك شَمسُ حَياتِه الدُّنيويةِ، ولكنَّ مَحبةَ هذا الإِمامِ وبَركةَ عِلمِه ومُصنَّفاتِه تَملأُ طِباقَ الأَرضِ، فما مِنْ صاحِبِ مَحبرةٍ، إلا وللشافِعيِّ عليه مِنةٌ، فنَسألُ اللهَ أنْ يَغفرَ لنا وله، وأنْ يَمنَّ علَينا وعليه بأَعلَى الدَّرجاتِ، واللهُ ﷿ يَغفِرُ لنا تَقصيرَنا في تَرجمتِه، ويُمتِّعُنا في الآخرَةِ بصُحبتِه، ويُدخِلُنا وإِياهُ في فَسيحِ جَناتِه.

وهذا أَوانُ تَركِ القَلمِ في تَرجمةِ هذا العلَمِ، والقُلوبُ بعدُ مُشتاقةٌ إلى صُحبتِه، والتَّمتعِ بكَمالِ عَقلِه، ووُفور فِطنتِه، وبَركةِ كَلماتِه، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ على المَبعوثِ رَحمةً للعالَمينَ، وآل بَيتِه الطِّيبينَ، وأَصحابِه الغُرِّ المَيامينِ، وآخرُ دَعوانا أنِ الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ.


(١) السابق (٢/ ٢٩٨).
(٢) «المناقب» للبيهقي (٢/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>