للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَضاؤُها، سواءٌ فاتَت بعُذرٍ أو بغيرِه، فإن كانَ فَواتُها بعُذرٍ كانَ قَضاؤُها على التَّراخي، ويُستحبُّ أن يَقضيَها على الفَورِ. قالَ صاحِبُ التَّهذيبِ: وقيلَ: يجبُ قَضاؤُها حينَ ذكرَ؛ للحَديثِ السابقِ، والذي قطعَ به الأصحابُ أنَّه يَجوزُ تَأخيرُها؛ لِحَديثِ عِمرانَ بنِ حُصَينٍ قالَ: «كُنَّا في سَفرٍ مع النَّبيِّ ، وإنَّا أسرَينَا حتى كُنَّا في آخرِ اللَّيلِ وَقَعنا وَقعَةً ولا وَقعةَ أحلى عندَ المُسافرِ منها، فما أيقَظَنا إلا حَرُّ الشَّمسِ … فلمَّا استَيقظَ النَّبيُّ شَكَوا إليه الذي أصابَهم، قالَ: «لَا ضَيرَ -أو: لا يَضِيرُ-، ارتَحِلُوا»، فَارتَحَلَ، فَسَارَ غيرَ بَعِيدٍ، ثم نزلَ، فَدَعا بِالوَضُوءِ، فَتوضَّأَ، وَنُودِيَ بِالصَّلاةِ، فَصلَّى بِالنَّاسِ (١). وهذا هو المَذهبُ.

وإن فوَّتها بلا عُذرٍ فوَجهانِ: أصحُّهما عندَ العِراقِيِّينَ أنَّه يُستحبُّ القَضاءُ على الفَورِ، ويَجوزُ التَّأخيرُ، كما لو فاتَت بعُذرٍ.

وأصحُّهما عندَ الخُراسَانِيِّينَ أنَّه يجبُ القَضاءُ على الفَورِ، وبه قطعَ جَماعاتٌ منهم، أو أكثرُهم، ونقلَ إمامُ الحَرمَينِ اتِّفاقَ الأصحابِ عليه، وهذا هو الصَّحيحُ؛ لأنَّه مُفرِّطٌ بتَركِها، ولأنَّه يُقتلُ بالصَّلاةِ التي فاتَت، وإن كانَ القَضاءُ على التَّراخي لم يُقتل (٢).

وأمَّا الحَنفيَّةُ فاختَلَفوا، فقالَ مُحمدٌ: قَضاءُ الصَّلاةِ يجبُ على التَّراخِي. وقالَ أبو يُوسفَ: يجبُ القَضاءُ على الفَورِ.


(١) رواه البخاريُّ (٣٧٧)، ومسلم (٦٨٢).
(٢) «المجموع» (٣/ ٧٤، ٧٥)، و «شرح مسلم» (٥/ ١٥٩)، و «المهذب» (١/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>