للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها بعدَ الجُعلِ أو قبلَه لمَا ذكَرْنا، ولا يَستحقُّ أَخذَ الجُعلِ برَدِّها لأنَّ الردَّ واجِبٌ عليه مِنْ غيرِ عِوضٍ فلَم يَجزْ أَخذُ العِوضِ عن الواجِبِ كسائِرِ الواجِباتِ، وإنَّما يَأخذُه المُلتقِطُ في مَوضعٍ يَجوزُ له أَخذُه عِوضًا عن الالتِقاطِ المُباحِ.

إذا ثبَتَ هذا فإنَّ مُلتقِطَها قبلَ أنْ يَبلغَه الجُعلُ لا يَستحقُّ شَيئًا سَواءٌ ردَّها لعِلةِ الجُعلِ أو غيرِه لأنَّه إذا لَم يَستحقَّه معَ قَصدِ إِياه وعَملِه مِنْ أَجلِه فلأنْ لا يَستحقَّه معَ عدمِ ذلك أَولى وإنَّما ذكَرَ الخرقِيُّ ردَّها لعِلةِ الجُعلِ إنْ شاءَ اللهُ ليُنبِّه به على عَدمِ استِحقاقِه فيما إذا ردَّها لغيرِ علتِه ولأنَّ الحاجَةَ إنَّما تَدعُو إلى مَعرفةِ الحُكمِ فيمَن يُريدُ الجُعلَ، أمَّا مَنْ ترَكَه ولا يُريدُه فلا يَقعُ التَّنازعُ فيه غالِبًا واللهُ أَعلمُ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو قالَ: «مَنْ ردَّ مالِي فله كذا» فرَدَّه مَنْ كانَ في يدِه نُظرَ:

إنْ كانَ في ردِّه كُلفةٌ كالآبِقِ استحَقَّ الجُعلَ، وإنْ لَم يَكنْ كالدَّراهمِ والدَّنانيرِ فلا؛ لأنَّ ما لا كُلفةَ فيه لا يُقابَلُ بالعِوضِ.

ولو قالَ: مَنْ دلَّني على مالِي فله كذا فدلَّه مَنْ المالُ في يدِه لَم يَستحقَّ شَيئًا؛ لأنَّ ذلك واجِبٌ عليه شَرعًا فلا يَأخذُ عليه عِوضًا.

وإنْ كانَ في يدِ غيرِه فدلَّه عليه استَحقَّ؛ لأنَّ الغالِبَ أنَّه يَلحقُه مَشقةٌ بالبَحثِ عنه (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٢٥).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٩٠، ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>