للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ العُلماءَ أَجمعُوا على أنَّ المَغصوباتِ لو أُشهِدَ الغاصِبُ على نفسِه أنَّه غصَبَها لَم يُدخِلْها إِشهادُه ذلك في حُكمِ الأَماناتِ، فكذلك تَرْكُ الإِشهادِ على الأَماناتِ لا يُدخِلُها في حُكمِ المَغصوباتِ، ولا خِلافَ أنَّ المُلتقِطُ أَمينٌ لا يُضمَنُ إلا بما تُضمَنُ به الأَماناتُ مِنْ التَّعدي والتَّضييعِ.

وقالَ الإِمامانِ ابنُ بطالٍ وابنُ عبدِ البَرِّ: وأمَّا حَديثُ عِياضِ بنِ حمارٍ فمَعناه أنَّ المُلتقِطَ إذا لَم يُعرِّفْ اللُّقطةَ ولَم يُشهدْها وكتَمَها ولَم يَسلُكْ بها سُنتَها مِنْ الإِشادةِ والإِعلانِ بها وغيَّبَ وكتَمَ ثُم قامَت عليه البيِّنةُ أنَّه وجَدَ لُقطةً وأنَّه أخَذَها وضَمَّها إلى بيِّنةٍ ثُم ادَّعى تَلفَها فإنَّه لا يُصدَّقُ ويَضمَنُ؛ لأنَّه بفِعلِه ذلك فيها خارِجٌ عن الأَمانةِ، فيَضمَنُ إلا أنْ يُقيمَ البيِّنةَ بتَلفِها.

وأمَّا إذا عرَّفَها وأعلَنَ أمرَها وسلَكَ فيها سُنتَها مِنْ الإِشادةِ في الأَسواقِ وأَبوابِ الجَوامعِ وشِبهِها وإنْ لَم يُشهِدْ فلا ضَمانَ عليه (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: وللإِشهادِ فائدَتانِ:

إِحدَاهما: أنَّه ربَّما طمِعَ فيها بعدَ ذلك، فإنْ أَشهدَ لَم يَقدِرْ على ذلك.


(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٦/ ٥٦٥)، و «الاستذكار» (٢/ ٧٥١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣١)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٣٤٤، ٣٤٥)، و «شرح مشكل الآثار» (٨/ ١٦٤، ١٦٥)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠١)، و «الاختيار» (٣/ ٣٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٨٨، ١٩٠)، و «المهذب» (١/ ٤٣٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢٠٢)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٨٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٠٥)، و «المغني» (٦/ ٧)، و «الكافي» (٢/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>