قالَ الإِمامُ ابنُ هُبيرةَ ﵀: اتَّفقُوا على أنَّ الوَديعةَ أَمانةٌ مَحضةٌ وأنَّها مِنْ القُربِ المَندوبِ إليها، وأنَّ في حِفظِها ثَوابًا، وأنَّ الضَّمانَ لا يَجبُ على المُودَعِ إلا بالتَّعدِّي، وأنَّ القَولَ قَولُ المُودَعِ في التَّلفِ والرَّدِّ على الإِطلاقِ معَ يَمينِه.
ثُم اختلَفُوا فيما إذا كانَ المُودَعُ قد قبَضَها ببَينةٍ، فهل يُقبلُ قَولُه في رَدِّها بغيرِ بَينةٍ؟
فقالَ أَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ: يُقبلُ قَولُه في رَدِّها بغيرِ بَينةٍ.
وقالَ مالِكٌ: لا يُقبلُ قَولُه في رَدِّها إلا ببَينةٍ.
وعن أَحمدَ رِوايتانِ أَظهرُهما كمَذهبِ أَبي حَنيفةَ والشافِعيِّ، والأُخرى كمَذهبِ مالِكٍ (١).
وقالَ الإِمامُ ابنُ رَجبٍ ﵀: لو ادَّعى الأَمينُ ردَّ الأَمانةِ إلى مَنْ ائتمَنَه فالأَكثرونَ على أنَّ قَولَه مَقبولٌ أَيضًا لدَعوى التَّلفِ، وقالَ الأَوزاعيُّ: لا يُقبلُ قَولُه لأنَّه مُدَّعٍ.
وقالَ مالِكٌ وأَحمدُ في رِوايةٍ: إنْ ثبَتَ قَبضُه للأَمانةِ ببَينةٍ لمْ يُقبلْ قَولُه في الرَّدِّ بدونِ البَينةِ، ووجَّهَ بعضُ أَصحابِنا ذلك بأنَّ الإِشهادَ على دَفعِ الحُقوقِ
(١) «الإفصاح» (٢/ ٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute