شَيءَ له مِنْ الكِراءِ إذا كانَ قد حبَسَها عن أَسواقِها ومَنافعِه بها، وهذا بمَنزلةِ رَجلٍ أعارَه رَجلٌ دابَّةً أو أَكْراه دابَّةً إلى مَوضعٍ مِنْ المَواضعِ فتَعدَّى عليها؛ لأنَّ أَصلَ هذا كلَّه لمْ يَضمنْه إلا بتَعدِّيه فيه، فهذا كلُّه بابٌ واحدٌ، وهذا في الوَديعةِ وفي الدَّينِ على نَحوِ قَولِ مالِكٍ في الذي يَستعيرُ الدابَّةَ فيَتعدَّى، وعلى الذي يَتكارى الدابَّةَ فيَتعدَّى عليها، وهذا في الكِراءِ والعارِيةِ قَولُ مالِكٍ (١).
وقالَ المالِكيةُ أَيضًا: إنْ باعَ المُودَعُ الوَديعةَ بغيرِ إِذنِ مالِكِها وهي عَرضٌ فربُّها مُخيَّرٌ عند عَدمِ فَواتِها في إِجازةِ البَيعِ وأَخذِ الثَّمنِ الذي بِيعَت به، أو ردِّ البَيعِ وأَخذِ سِلعتِه.
وأما عندَ فَواتِها فيُقضَى له بأَخذِ الأَكثرِ مِنْ الثَّمنِ أو قِيمتِها يَومَ التَّعدِّي؛ لأنَّه فُضوليٌّ، ومِثلُه كلُّ مُتعدٍّ بالبَيعِ على سِلعةِ غيرِه ولو غاصبًا، وهكذا حُكمُ بَيعِ الوَديعةِ مِنْ غيرِ اتِّجارٍ في ثَمنِها.
وأما لو باعَها على وَجهِ التِّجارةِ ففي بَيعِها تَفصيلٌ مُحصَّلُه: إنْ باعَها بعَرضٍ والعَرضُ بعَرضٍ وهلمَّ جرًّا فلا رِبحَ له وله الأَجرُ، وإنْ باعَها بدَراهمَ فالرِّبحُ الكائِنُ في ثَمنِها لربِّها، مِثالُ ذلك أنْ يُودعَه سِلعةً اشتَراها بعَشرةٍ فباعَها بعِشرينَ فربُّها له إِجازةُ البَيعِ وأَخذُ العِشرينَ أو ردُّ البَيعِ وأَخذُ سِلعتِه، وبعدَ الفَواتِ يُخيَّرُ بينَ الإِجازةِ وأَخذِ ما بِيعَت به أو تَضمينِه القِيمةَ يَومَ بَيعِها، والمُرادُ أنَّ له الأَكثرَ مِنْ الثَّمنِ والقِيمةِ، والظاهِرُ مِنْ كَلامِ أَهلِ المَذهبِ أنَّه لا أَجرَ له في البَيعِ لأنَّه مُتعدٍّ به، ولعلَّ الفَرقَ بينَ هذا وبينَ المتَّجِرِ