للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحِه، دونَ حَديثِ جِبريلَ، وهذا لا شَكَّ فيه؛ فحصَل أنَّ الصَحِيحَ المُختارَ أنَّ لِلمَغربِ وقتَينِ، يَمتَدُّ بينَهما إلى مَغيبِ الشَّفقِ، ويَجوزُ ابتِداؤُها في كلِّ وَقتٍ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وهذه نُصوصٌ صَحِيحةٌ، لا يَجوزُ مُخالفَتُها بشَيءٍ مُحتمَلٍ؛ ولأنَّها إحدى الصَّلواتِ، فكانَ لها وقتٌ مُتَّسِعٌ كسائرِ الصَّلواتِ، ولأنَّها إحدى صَلاتَي جَمعٍ، فكانَ وقتُها مُتَّصِلًا بوقتِ التي تُجمَعُ إليها، كالظُّهرِ والعَصرِ، ولأنَّ ما قبلَ مَغيبِ الشَّفقِ وقتٌ لاستِدامَتِها، فكانَ وَقتًا لابتِدائِها، كأوَّلِ وقتِها، وأحاديثُهم مَحمولةٌ على الاستِحبابِ والاختِيارِ وكَراهةِ التَّأخِيرِ؛ ولِذلك قالَ الخرقِيُّ: «لا يُستحبُّ تَأخيرُها». فإنَّ الأحاديثَ فيها تَأكيدٌ لِفِعلِها في أوَّلِ وقتِها، وأقَلُّ أحوالِها تَأكيدُ الاستِحبابِ، وإن قُدِّرَ أنَّ الأحاديثَ مُتعارِضةٌ وجبَ حَملُ أحادِيثِهم على أنَّها مَنسوخةٌ؛ لأنَّها في أوَّلِ فَرضِ الصَّلاةِ بمَكةَ، وأحاديثُنا بالمَدينةِ مُتأخِّرةٌ، فتَكونُ ناسِخةً لمَا قبلَها ممَّا يُخالِفُها، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «المجموع» (٣/ ٣٣، ٣٤).
(٢) «المغني» (١/ ٤٧٩)، و «أحكام القرآن» للجصَّاص (٣/ ٢٥٧)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٣/ ٢١٢)، و «معاني الآثار» (١/ ٣٩٤)، و «البحر الرائق» (١/ ٢٥٨)، و «المبسوط» (١/ ١٤٤)، و «التَّمهيد» (٨/ ٧٨)، و «الشرح الصغير» (١/ ١٥٤)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ١٧٨)، و «الاستذكار» (١/ ٢٨)، و «الأوسط» (٢/ ٣٣٤، ٣٣٧)، و «كفاية الأخيار» (١٢٤)، و «تفسير القرطبيِّ» (١٠/ ٣٠٤)، و «شرح مسلم» (٥/ ٦٨)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>