للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أخرَجَها بنِيةِ الإِنفاقِ ولمْ يُنفقْها ضمِنَها؛ لأنَّه تَعدَّى بإِخراجِها أشبَه ما لو أنفَقَها (١).

قالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : مَنْ أودَعَ شَيئًا فأخَذَ بعضَه لزِمَه ضَمانُ ما أخَذَ، فإنْ ردَّه أو مِثلَه لمْ يَزُلِ الضَّمانُ عنه، وبهذا قالَ الشَّافِعيُّ.

وقالَ مالكٌ: لا ضَمانَ عليه إذا ردَّه أو مِثلَه.

وقالَ أَصحابُ الرَّأيِ: إنْ لمْ يُنفقْ ما أخَذَه وردَّ لمْ يَضمنْ، وإنْ أنفَقَه ثُم ردَّه أو مِثلَه ضمِنَ.

ولنا: أنَّ الضَّمانَ تعلَّقَ بذمَّتِه بالأَخذِ، بدَليلِ أنَّه لو تلِفَ في يدِه قبلَ ردِّه ضمِنَه، فلا يَزولُ إلا بردِّه إلى صاحبِه كالمَغصوبِ، فأما سائِرُ الوَديعةِ فيُنظرُ فيه، فإنْ كانَ في كِيسٍ مَختومٍ أو مَشدودٍ فكُسرَ الخَتمُ أو حُلَّ الشَّدُّ ضمِنَ، سَواءٌ أُخرجَ منه أو لمْ يُخرَجْ؛ لأنَّه هتَكَ الحِرزَ بفِعلٍ تَعدَّى به، وإنْ خرَقَ الكِيسَ فوقَ الشَّدِّ فعليه ضَمانُ ما خرَقَ خاصَّةً؛ لأنَّه ما هتَكَ الحِرزَ، وإنْ لمْ تكُنِ الدَّراهمُ في كِيسٍ أو كانَت في كيسٍ غيرِ مَشدودٍ أو كانَت ثِيابًا فأخَذَ منها واحدًا ثُم ردَّه بعَينِه لمْ يَضمنْ غيرَه؛ لأنَّه لمْ يَتعدَّ في غيرِه، وإنْ ردَّ بَدلَه وكانَ مُتميزًا لمْ يَضمنْ غيرَه لذلك، وإنْ لمْ يَكنْ مُتميِّزًا فظاهِرُ كَلامِ الخِرقيِّ هاهنا أنَّه لا يَضمنُ غيرَه؛ لأنَّ التَّعدِّيَ اختصَّ به فيَختصُّ الضَّمانُ به، وخَلْطُ


(١) «المغني» (٦/ ٣٠٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢١٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٤٣، ٢٤٥)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٦٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>