للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ جُهلَ ما ادَّعاه مِنْ السَّببِ الظاهرِ طُولِبَ ببيِّنَةٍ على وُقوعِه، ثُم يَحلِفُ على التَّلفِ به لاحتِمالِ أنَّها لمْ تَتلفْ به، ولا يُكلفُ البيِّنةَ على التَّلفِ به؛ لأنَّه مما يَخفى، فإنْ لمْ تَقمْ بيِّنةٌ أو نكَلَ عن اليَمينِ حلفَ المالكُ على نفيِ العِلمِ بالتَّلفِ ورجَعَ عليه (١).

وقال الحَنابِلةُ: يُصدَّقُ المُودَعُ بيَمينِه في دَعوى تَلفِ الوَديعةِ بسَببٍ خَفيٍّ كالسَّرقةِ لتَعذُّرِ إِقامةِ البَينةِ على مِثلِ هذا السَّببِ، ولأنَّه لو لمْ يُقبلْ قَولُه في ذلك لامتنَعَ النَّاسُ مِنْ قَبولِ الأَماناتِ معَ الحَاجةِ إلى ذلك.

وكذا يُقبلُ قَولُه في دَعوى تَلفِ الوَديعةِ بسَببٍ ظاهِرٍ كحَريقٍ وغَرقٍ ونَهبِ جَيشٍ إنْ ثبَتَ وُجودُه ببيِّنةٍ شهِدَت بوُجودِ ذلك السَّببِ في تلك الناحِيةِ؛ قُبلَت دَعواه ثُم يَحلفُ معَ البَينةِ أنَّ الوَديعةَ تلِفَت بذلك السَّببِ، فإنْ عجَزَ عن إِقامةِ البيِّنةِ بالسَّببِ الظاهِرِ ضمِنَ الوَديعةَ؛ لأنَّه لا تَتعذرُ إِقامةُ البَينةِ به والأَصلُ عَدمُه، ويَكفي في ثُبوتِ السَّببِ الظَّاهرِ الاستِفاضةُ، فعلى هذا إذا علِمَه القاضِي بالاستِفاضةِ قُبلَ قَولُ الوَديعِ بيَمينِه، ولمْ يُكلَّفْ بيِّنةً تَشهدُ بالسَّببِ، فإذا ثبَتَ السَّببُ الظَّاهرُ بالبَينةِ أو الاستِفاضةِ فالقَولُ قَولُ المُودَعِ في التَّلفِ معَ يَمينِه، فيَحلفُ أنَّها ضاعَت به (٢).


(١) المهذب» (١/ ٣٦٢)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٧٢، ٣٧٣)، و «الإقناع» (٢/ ٣٨٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٥٠)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٣٥٢، ٣٥٣)، و «الديباج» (٣/ ١٢٢).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٢١٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٤٨، ٢٤٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>