للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهب الإِمامُ أبُو حَنيفَةَ إلى أنَّ أوَّلَ وقتِ العَصرِ عندَه أن يَصيرَ ظِلُّ كلِّ شَيءٍ مِثلَيهِ سِوَى الفَيءِ.

لكِن قالَ الإمامُ أبُو عمرَ بنُ عَبد البرِّ عن قولِ أبِي حَنيفَةَ هذا: وهَذا خِلافُ الآثارِ وخِلَافُ الجُمهورِ، وهُو قَولٌ عندَ الفُقهاءِ من أصحابِه وغيرِهم مَهجورٌ (١).

وقالَ أبُو بَكرٍ الجَصَّاصُ : أمَّا أوَّلُ وقتِ العَصرِ فهُو على مَا ذكَرنا مِنْ خُروجِ وقتِ الظُّهرِ على اختِلافهِم فيه، والصَّحيحُ مِنْ قولِهم أنَّه ليس بينَ وقتِ الظُّهرِ ووقتِ العَصرِ واسِطةُ وَقتٍ مِنْ غيرِهِما، ومَا رُويَ عن أبِي حَنيفةَ مِنْ أنَّ آخر وقتِ الظُّهرِ أن يَصيرَ الظِّلُّ أقَلَّ قامَتَينِ، وأوَّلَ وقتِ العَصرِ إِذا صارَ الظِّلُّ قامَتَينِ، فهُو رِوايةٌ شاذَّةٌ وهيَ أيضًا مُخالِفَةٌ لِلآثار الوارِدةِ في أنَّ وقتَ الظُّهرِ ما لم يَحضُر وقتُ العَصرِ، وفِي بعضِ ألفاظِ حَديثِ أبِي هُريرَةَ عن النَّبيِّ : «وآخرُ وقتِ الظُّهرِ حينَ يَدخلُ وقتُ العَصرِ»، في حَديثِ أبِي قَتادةَ: «التَّفريطُ في الصَّلاةِ أن يترُكَها حتى يَدخُلَ وقتُ الأُخرَى»، والصَّحيحُ مِنْ مَذهبِ أبِي حَنيفةَ أحَدُ قولَينِ: إِمَّا المِثلانِ، وإِمَّا المِثلُ، وأنَّ بخُروجِ وقتِ الظُّهرِ يَدخلُ وقتُ العَصرِ (٢).


(١) «الاستذكار» (١/ ٢٦، ٢٧).
(٢) «أحكام القرآن» (٣/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>