للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ تعذَّرَ عِلمُه كزَيتٍ اختلَطَ بزَيتٍ، أو شَيرَجٍ أو دَقيقٍ اختلَطَ بدَقيقٍ آخَرَ فوهَبَ أحدُهما للآخَرِ مِلكَه منه، أو اختلَطَ مالُ اثنَينِ على وَجهٍ لا يَتميَّزُ فوهَبَ أحدُهما لرَفيقِه نَصيبَه منه، يَصحُّ للحاجةِ كالصُّلحِ على الصَّحيحِ من المَذهبِ.

وظاهِرُ كَلامِ ابنِ قُدامةَ وأكثَرِ الأَصحابِ أنَّه لا يَصحُّ لإطلاقِهم عَدمُ الصِّحةِ في هِبةِ المَجهولِ من غيرِ تَفصيلٍ، وهو ظاهِرُ رِوايةِ أَبي داودَ وحَربٍ السابقَتَين في كَلامِ ابنِ قُدامةَ.

وإنْ لم يَتعذَّرْ عِلمُه كالحَملِ في البَطنِ واللَّبنِ في الضَّرعِ والصُّوفِ على الظَّهرِ فالصَّحيحُ من المَذهبِ أنَّها لا تَصحُّ للجَهالةِ وتَعذُّرِ التَّسليمِ، ومَتى أذِنَ رَبُّ شاةٍ لإِنسانٍ في جَزِّ الصُّوفِ وحَلبِ الشاةِ كانَ إباحةً لصُوفِها ولَبنِها لا هِبةً.

ولو قالَ: «خُذْ من هذا الكِيسِ ما شِئتَ»، كانَ له أخذُ ما به جَميعًا، ولو قالَ: «خُذْ من هذه الدَّراهمِ ما شِئتَ»، لم يمَلكْ أخذَها كلَّها؛ إذِ الكيسُ ظَرفٌ فإذا أخَذَ الظَّرفَ حسُنَ أنْ يُقالَ «أخَذَ من الكيسِ ما فيه» ولا يَحسُنُ أنْ يُقالَ: «أخَذتُ من الدَّراهمِ كلِّها» (١).


(١) «المغني» (٥/ ٣٨٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦٣، ٢٦٤)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣٢، ١٣٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٥٩، ٣٧٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٩٠)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٧٧)، و «الروض المربع» (٢/ ١٨٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>