زَوجِها حَولًا أو تَلِدَ وَلدًا» رَواه سَعيدٌ في سُننِه، ولا يُعرفُ له مُخالفٌ فصارَ إِجماعًا.
وقالَ مالِكٌ: لا يَدفعُ إليها مالَها حتى تَتزوَّجَ ويَدخلَ عليها زَوجُها؛ لأنَّ كلَّ حالةٍ جازَ للأبِ تَزويجُها من غيرِ إذنِها لم يَنفكَّ عنها الحَجرُ كالصَّغيرةِ.
ولنا: عُمومُ قَولِه تَعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]، ولأنَّها يَتيمةٌ بلَغَت وأُونِسَ منها الرُّشدُ فيُدفعُ إليها مالُها كالرَّجلِ، ولأنَّها بالِغةٌ رَشيدةٌ جازَ لها التَّصرفُ في مالِها كالتي دخَلَ بها الزَّوجُ.
وحَديثُ عُمرَ -إنْ صَحَّ- لم يُعلمِ انتِشارُه في الصَّحابةِ، ولا يُتركُ به الكِتابُ والقياسُ، على أنَّ حَديثَ عُمرَ مُختصٌّ بمَنعِ العَطيةِ فلا يَلزمُ منه المَنعُ من تَسليمِ مالِها إليها ومَنعُها من سائِرِ التَّصرفاتِ، ومالِكٌ لم يَعملْ به وإنَّما اعتمَدَ على إِجبارِ الأبِ لها على النِّكاحِ، ولنا أنْ نَمنعَ ذلك وإنْ سلَّمناه؛ فإنما أجبَرَها على النِّكاحِ؛ لأنَّ اختبارَها للنِّكاحِ ومَصالِحِه لا يُعلمُ إلا بمُباشرتِه، والبَيعُ والشِّراءُ والمُعاملاتُ مُمكِنةٌ قبلَ النِّكاحِ، وعلى هذه الرِّوايةِ إذا لم تَتزوَّجْ أصلًا احتمَلَ أنْ يَدومَ الحَجرُ عليها، عَملًا بعُمومِ حَديثِ عُمرَ، ولأنَّه لم يُوجَدْ شَرطُ دَفعِ مالِها إليها فلم يَجزْ دَفعُه إليها كما لو لم تَرشُدْ، وقالَ القاضِي: عندي أنَّه يُدفعُ إليها مالُها إذا عنَّسَت وبرَزَت للرِّجالِ، يَعني كبِرَت.