للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على وَجهِ صَدقةٍ فإنَّه لا يَرجعُ فيها، ومَن وهَبَ هِبةً يَرى أنَّه إنَّما أرادَ بها الثَّوابَ فهو على هِبتِه يَرجعُ فيها إنْ لم يَرضَ منها» (١). وهذا نَصٌ في البابِ، ولأنَّ المَقصودَ منها مع القَريبِ المَحرَمِ صِلةُ الرَّحمِ وقد حصَلَ، وفي الرُّجوعِ قَطعُها، فلا يَرجعُ ولو كانَ ذِميًّا أو مُستأمَنًا؛ لأنَّه واجِبُ الصِّلةِ ومَحلٌّ للصَّدقةِ لقَولِه تَعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ﴾ [الممتحنة: ٨] ولقَبولِ الذِّمةِ والأَمانِ فقد ترَكَ المُقاتلةَ.

هذا إذا كانَ قد سلَّمَها لذي رَحِمِه المَحرَمِ، أمَّا قبلَ ذلك فله الرُّجوعُ.

وإنْ وهَبَ لذي رَحمٍ غيرِ مَحرَمٍ كابنِ العَمِّ، أو مَحرَمٍ غيرِ رَحمٍ كالأخِ من الرَّضاعةِ جازَ له الرُّجوعُ فيما وهَبَ له، والرَّحمُ المَحرَمُ الذي مَحرميَّتُه لا من الرَّحمِ كابنِ عَمٍّ هو أخٌ رَضاعًا.

قالَ السَّمرقَنديُّ: الرَّحمُ صاحِبُ القَرابةِ، والمَحرَمُ هو الذي تَحرُمُ مُناكَحتُه.

فلو كانَ الرَّحمُ مَحرَمًا من الرَّضاعِ أو المُصاهرةِ لا يَمتنعُ الرُّجوعُ؛ لعَدمِ وُجوبِ صِلتِه، ولذا لا يَجبُ إنفاقُه عليه عندَ عَجزِه وإنْ كانت صِلتُه مَندوبًا إليها.

٧ - وكذلك ما وهَبَه أحدُ الزَّوجَينِ للآخَرِ: لأنَّ هِبةَ أحدِ الزَّوجَينِ للآخَرِ تُحقِّقُ ما بينَهما من الأُلفةِ والمَودةِ، فكانَ المَقصودُ منها الصِّلةَ،


(١) صَحِيحٌ موقوفًا: رواه مالك في «الموطأ» (١٤٤٠)، ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>