وعن الرَّبيعِ قالَ: لما دخَلَ الشافِعيُّ مَصرَ، أَولَ قُدومِه إليها، جَفاه الناسُ، فلَم يَجلِسوا إليه، فقالَ له بعضُ من قدِمَ معَه: لو قلتَ شيئًا، يَجتمِعُ إِليك به الناسُ، قالَ: إِليك عني، وقال:
أأَنثرُ دُرًّا بينَ سارِحةِ النَّعمْ … وأَنظِمُ مَنثورًا لرَاعيةِ الغَنمْ؟
لعَمري لِئن ضُيعَّتُ في شرِّ بَلدةٍ … فلَستُ مُضيعاً فيهمُ غُررَ الكلِمْ
لَئنْ سهَّلَ اللَّهُ العَزيزُ بلُطفِه … وصادَفتُ أَهلًا للعُلومِ وللحِكمْ
بثَثتُ مُفيدًا واستفَدتُ وِدادَهم … وإلا فمَخزونٌ لديَّ ومُكتتَمْ
ومَن منَحَ الجُهالَ عِلماً أضَاعَه … ومَن منَعَ المُستَوجِبينَ فقَد ظلَمْ (١)
ومِن أَشعارِه:
النَّاسُ بالنَّاسِ ما دامَ الحَياةُ بِهمْ … والسَّعدُ لا شكَّ تاراتٌ وتاراتٌ
وأَفضَلُ النَّاسِ ما بينَ الوَرى رَجلٌ … تُقضَى على يدِه للنَّاسِ حاجاتُ
لا تَمنَعنَّ يدَ المَعروفِ عَنْ أَحدٍ … ما دُمتَ مُقتدِرًا فالسَّعدُ تاراتُ
واشكُرْ فَضائِلَ صُنعِ اللهِ إذْ جُعلَتْ … إلَيكَ لا لكَ عندَ النَّاسِ حاجاتُ
قَدْ ماتَ قَومٌ وما ماتَتْ مَكارمُهمْ … وعاشَ قَومٌ وهُمْ في النَّاسِ أَمواتُ
إنَّ الطَّبيبَ بطِبِّه ودَوائهِ … لا يَستطيعُ دفاعَ مَكروهٍ أَتى
(١) المنهج الأحمد (٦٨، ٦٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute