للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجهولًا فلم يَصحَّ كالبَيعِ بثَمنٍ مَجهولٍ؛ فإنْ قبَضَها المَوهوبُ له كانَ حُكمُه حُكمَ البَيعِ الفاسِدِ، ويَردُّها المَوهوبُ له إلى الواهِبِ بزيادَتِها المُتِّصلةِ والمُنفصلةِ؛ لأنَّه نَماءُ مِلكِ الواهِبِ، وإنْ كانت تالِفةً رَدَّ قيمَتَها.

وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الهِبةَ تَصحُّ مع جَهالةِ الثَّوابِ؛ لأنَّها تَقتَضيه.

قالَ المِرداويُّ : وعنه -أي: الإمامِ أحمدَ- أنَّه قالَ: يُرضيه بشَيءٍ فيَصحُّ، وذكَرَها الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ في ظاهِرِ المَذهبِ، قالَ الحارثيُّ: هذا المَذهبُ، نَصَّ عليه من رِوايةِ ابنِ الحَكمِ وإِسماعيلَ بنِ سَعيدٍ، وإليه مَيلُ أبي الخَطَّابِ، وصحَّحَ هذه الرِّوايةَ في «الرِّعاية الصُّغرى» فقالَ: فإنْ شرَطَه مَجهولًا صحَّت في الأصَحِّ، قالَ في «الرِّعاية الكُبرى»: وهو أَولى. فعلى هذه الرِّوايةِ يُرضيه؛ فإنْ لم يَرضَ فله الرُّجوعُ فيها فيَردُّها بزيادةٍ ونَقصٍ، نَصَّ عليه؛ فإنْ تلِفَت يَردُّ قيمَتَها يَومَ التَّلفِ، وهذا البِناءُ على هذه الرِّوايةِ هو الصَّحيحُ، صحَّحَه المُصنِّفُ وغيرُه، وقيلَ: يُرضيه بقيمةِ ما وهَبَه، وأطلَقَهما في المَذهبِ، قالَ الحارثيُّ: ويَحتمِلُ وَجهًا بالبِناءِ وهو ما يُعدُّ ثَوابًا لمِثلِه عادةً (١).


(١) «الإنصاف» (٧/ ١١٧)، ويُنظَرُ: «البيان» (٨/ ١٣٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٩٦، ١٩٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٦٧)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٨٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٠٠)، و «تحفة المحتاج مع حاشية الرواني والعبادي» (٧/ ٥٩٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٨٥)، و «الديباج» (٢/ ٥٤٨)، و «المغني» (٥/ ٣٩٩)، و «الكافي» (٢/ ٤٦٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٤٦، ٢٤٨)، و «المبدع» (٤/ ٣٦١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>