للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: لو بعَثَ شَخصٌ هَديةً إلى إِنسانٍ فماتَ المُهدَى إليه قبلَ وُصولِ الهَديةِ إليه بَقيَت الهَديةُ للمُهدِي؛ لأنَّها لا تُملَكُ إلا بالقَبضِ، بدَليلِ «أنَّه لمَّا ماتَ النَّجاشيُّ قبلَ وُصولِ ما أهداه رَسولُ اللهِ رَدَّه له وقسَّمه بينَ زَوجاتِه».

ولو ماتَ المُهدِي قبلَ وُصولِ ما أهداه للمُهدَى إليه لم يَكنْ للرَّسولِ حَملُها إلى المُهدَى إليه إلا بإذنِ الوارِثِ، وكذا المُسافِرُ إذا اشتَرى لأَصدقائِه هَدايا فماتَ قبلَ وُصولِها إليهم فهي له تَرِكةٌ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لو وهَبَ إِنسانٌ لغائِبٍ هِبةً وأنفَذَها مع رَسولِ المَوهوبِ له أو مع وَكيلِه ثم ماتَ الواهِبُ أو ماتَ المَوهوبُ له قبلَ وُصولِها إليه لزِمَ حُكمُها، وكانت للمَوهوبِ له؛ لأنَّ قَبضَ الرَّسولِ والوَكيلِ كقَبضِه فيَكونُ المَوتُ بعدَ لُزومِها فلا يُؤثِّرُ.

وإنْ أنفَذَها الواهِبُ مع رَسولِ نَفسِه ثم ماتَ الواهِبُ قبلَ وُصولِها إلى المَوهوبِ له أو ماتَ المَوهوبُ له بطَلَت الهِبةُ، وكانت للواهِبِ ولوَرثتِه لعَدمِ القَبضِ، وكذلك الحُكمُ في الهَديةِ، نَصَّ على ذلك.

قالَ أحمدُ في رِوايةِ أَبي طالِبٍ وأبي الحارِثِ في رَجلٍ أهدَى هَديةً فلم تَصِلْ إلى المُهدَى إليه حتى ماتَ؛ فإنَّها تَعودُ إلى صاحِبِها ما لم يَقبِضْها.

ورَوى بإسنادِه عن أُمِّ كُلثومٍ بِنتِ سَلمةَ قالَت: لمَّا تَزوجَ رَسولُ اللهِ أُمَّ سَلمةَ قالَ لها: «إنِّي قد أهدَيتُ إلى النَّجاشيِّ حُلةً وأواقيَّ


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٩)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٣/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>