للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ قَديمٍ، والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الرُّقبَى باطِلةٌ (١).

وأمَّا المالِكيةُ فقد فسَّروا الرُّقبَى بخِلافِ تَفسيرِ الجُمهورِ، فقالوا: لا تَجوزُ الرُّقبى، وهي أنْ يَكونَ لاثنَين داران -أو عَبدانِ أو دارٌ وعَبدٌ- قالَ كلُّ واحِدٍ منهما لصاحِبِه في عَقدٍ واحِدٍ: «إنْ مِتَّ قبلي فالداران مَعًا لي -أي: فدارُك لي مَضمومةٌ لدارِي- وإنْ مِتُّ قبلَك فالدَّارانِ مَعًا لك -أي: فدارِي لك مَضمومةٌ لدارِك- وإنَّما مُنعَ لمَا فيه من الخُروجِ عن وَجهِ المَعروفِ إلى المُخاطرةِ؛ فإنْ وقَعَ ذلك واطُّلِعَ عليه قبلَ المَوتِ فُسخَ، وإنْ لم يُطَّلعْ عليه إلا بعدَ المَوتِ رجَعَت لوارِثِه مِلكًا، ولا تَرجعُ مَراجعَ الأَحباسِ لفَسادِ العَقدِ.

ومَحلُّ المَنعِ هذا إذا وقَعَ ما ذُكرَ من القَولَينِ في عَقدٍ واحِدٍ بأنْ وقَعَ أحدُهما في فَورِ الآخَرِ ودخَلا على ذلك، أمَّا لو قالَ أحدُهما لصاحِبِه ذلك ثم قالَ الآخَرُ مثلَ الأولِ فهو جائِزٌ؛ إذْ لا تُهمةَ فيه ويَكونُ هذا وَصيةً (٢).


(١) المَصادِر السَّابِقة.
(٢) «شرح مختصر خليل» للخرشي (٧/ ١١٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٠٩)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ٢٤٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>