للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الغَزاليُّ : وأخَذَ الشافِعيُّ ومالِكٌ جَوائزَ الخُلفاءِ والسَّلاطينِ، مع العِلمِ بأنَّه قد خالَطَ مالَهم الحَرامُ (١).

وقالَ المَوَّاقُ المالِكيُّ : وأمَّا جَوائزُ الخُلفاءِ فجائِزةٌ لا شَكَّ فيها؛ لاجتِماعِ الخَلقِ على قَبولِ العَطيةِ من الخُلفاءِ ممَّن يَرضى منهم وممَّن لا يَرضى، وما يُظلَمُ فيه قَليلٌ في كَثيرٍ.

ابنُ رُشدٍ: قَولُه: «قَبولُه من العُمالِ جَرحةٌ» ومَعناه عِندي عُمالُ الجِبايةِ الذين إنَّما جُعِل لهم قَبضُ الأَموالِ وتَحصيلُها دونَ وَضعِها في وُجوهِها بالاجتِهادِ.

وأمَّا الأُمراءُ الذين فوَّضَ لهم الخَليفةُ أو خَليفتُه قَبضَ الأَموالِ وصَرفَها في وُجوهِها باجتِهادِهم كالحَجَّاجِ وشِبهِه من أُمراءِ البِلادِ المُفوَّضِ جَميعُ الأُمورِ فيها إليهم فجَوائزُهم كجَوائزِ الخُلفاءِ.

وأمَّا القُضاةُ والأَجنادُ والحُكامُ فلهم أخذُ أَرزاقِهم من العُمالِ المَضروبِ على أيديهم، وإنْ كانَ المَجبيُّ حَلالًا، لكنْ لم يَعدِلْ في قَسمِه فالأكثَرُ على جَوازِ أخذِ الجائِزةِ منهم، وكرِهَه بَعضُهم وإنْ شابَ المَجبيَّ حَلالٌ وحَرامٌ فالأكثَرُ على كَراهةِ الأَخذِ منه، منهم مَنْ أَجازَه.

وإنْ كانَ المَجبيُّ حَرامًا فمنهم من حرَّمَ أخْذَ الجائِزةِ والرِّزقِ على عَملٍ من الأَعمالِ منهم، ورُويَ هذا عن مالِكٍ، ومنهم من أَجازَه ومنهم من كرِهَه (٢).


(١) «إحياء علوم الدين» (٢/ ١٢٣).
(٢) «التاج والإكليل» (٥/ ١٤٣)، و «البيان والتحصيل» (١٧/ ٣٤٢)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>