للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ النَّبيُّ : «دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك» واحتَجَّ أحمدُ بأنَّ جَماعةً من الصَّحابةِ تَنزَّهوا عن مالِ السُّلطانِ، منهم حُذيفةُ وأَبو عُبيدةَ ومُعاذٌ وأَبو هُريرةَ وابنُ عُمرَ ولم يَرَ أَبو عبدِ اللهِ ذلك حَرامًا.

فإنَّه سُئل فقيلَ له: مالُ السُّلطانِ حَرامٌ؟ فقالَ: لا، وأحَبُّ إلَيَّ أنْ يُتنزَّه عنه.

وفي رِوايةٍ قالَ: ليسَ أحدٌ من المُسلِمينَ إلا وله في هذه الدَّراهمِ حَقٌّ، فكيف أَقولُ إنَّها سُحتٌ وقد كانَ الحَسنُ والحُسينُ وعَبدُ اللهِ بنُ جَعفرٍ وكَثيرٌ من الصَّحابةِ يَقبَلونَ جَوائزَ مُعاويةَ.

ورُويَ عن علِيٍّ أنَّه قالَ: «لا بأسَ بجَوائزِ السُّلطانِ، ما يُعطيكم من الحَلالِ أكثَرُ ما يُعطيكم من الحَرامِ» وقالَ: «لا تَسألِ السُّلطانَ شَيئًا؛ فإنْ أعطاك فخُذْ؛ فإنَّ ما في بَيتِ المالِ من الحَلالِ أكثَرُ مما فيه من الحَرامِ».

ورَوى عُمرُ بنُ شَيبةَ البُحتريُّ في كِتابِ القَضاءِ «أنَّ الحَسنَ وابنَ سِيرينَ والشَّعبيَّ دخَلوا على عُمرَ بنِ هُبيرةَ، فأمَرَ لكلِّ واحدٍ منهم بألفٍ دِرهمٍ، وأمَرَ للحَسنِ بألفَيْ دِرهمٍ، فقبَضَ الحَسنُ جائزَتَه وأبى ابنُ سِيرينَ أنْ يَقبِضَ، فقالَ لابنِ سِيرينَ: ما لك لا تَقبِضُ؟ قالَ: حتى يَعُمَّ الناسَ. فقالَ الحَسنُ: واللهِ لو عرَضَ لك ولي لِصٌّ فأخَذَ رِدائي ورِداءَك ثم بَدا له أنْ يَردَّ علَيَّ رِدائي كُنْتُ أقولُ لا أقبَلُ رِدائي حتى تَردَّ على ابنِ سِيرينَ رِداءَه، كُنْتُ أُحبُّ أنْ تَكونَ أفقَهَ مما أنتَ يا ابنَ سِيرينَ» ولأنَّ جَوائزَ السُّلطانِ لها وَجهٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>