للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووَجهُ الدِّلالةِ من الحَديثِ -كما يَقولُ ابنُ تَيميةَ-: أنَّ حَكيمًا ذكَرَ للنَّبيِّ أنَّه لا يَقبلُ مِنْ أحدٍ شَيئًا، وأقَرَّه النَّبيُّ على ذلك، وكذلك الخُلفاءُ بعدَه، وهذا حُجةٌ في جَوازِ الرَّدِّ وإنْ كانَ عن غيرِ مَسألةٍ ولا إشرافٍ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يُجبَرُ على قَبولِ هَديةٍ ولا صَدقةٍ ولا وَصيةٍ ولا قَرضٍ، ولا تُجبَرُ المَرأةُ على التَّزوُّجِ ليأخُذَ مَهرَها؛ لأنَّ في ذلك ضَررًا للحُوقِ المِنةِ في الهَديةِ والصَّدقةِ والوَصيةِ والعِوضِ في القَرضِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: يُكرهُ رَدُّ هِبةٍ وإنْ قلَّتْ؛ لحَديثِ أَبي هُريرةَ مَرفوعًا: «لو أُهديَ إلَيَّ ذِراعٌ أو كُراعٌ لَقبِلتُ» (٣) خُصوصًا الطِّيبَ؛ لحَديثِ: «ثَلاثةٌ لا تُردُّ»، فعَدَّ منها الطِّيبَ، ولحَديثِ أحمدَ عن ابنِ مَسعودٍ مَرفوعًا: «لا تَرُدُّوا الهَديةَ» (٤).

وعُلمَ منه أنَّه لا يَجبُ قَبولُ هَديةٍ وهِبةٍ ولو جاءَت بلا مَسألةٍ ولا استِشرافِ نَفسٍ، وهذا هو المَذهبُ، وعن الإمامِ أحمدَ يَجبُ قَبولُها.

ويَجوزُ رَدُّها لأُمورٍ، وذلك مِثلَ أنْ يُريدَ أخذَها بعَقدِ مُعاوَضةٍ؛ لحَديثِ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٩٧).
(٢) «المغني» (٤/ ٢٨٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٢٩).
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٣٨٣٨)، والبخاري في الأدب المفرد (١٥٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٥٦٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>