للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِجارةِ، فإنْ حلَفَ أنَّه ما أجَّرَه استَرَدَّها، فإنْ نكَلَ حلَفَ الراكِبُ واستَحقَّ الإِمساكَ، وهذا مَذهبُ الشافِعيةِ والحَنابلةِ.

وإذا مضَت مُدةٌ لها أُجرةٌ، والراكِبُ يُقرُّ بالأُجرةِ، والمالكُ يُنكرُها، فلا يَستحِقُّها إلا بالتَّصديقِ.

قالَ الشافِعيةُ: وإنْ كانَ هذا الاختِلافُ بعدَ هَلاكِ الدابَّةِ، فإنْ تلِفَت عُقيبَ الدَّفعِ قبلَ أنْ تَمضيَ مُدةٌ لمِثلِها أُجرةٌ فإنَّ المالكَ يَدَّعي أنَّها عارِيةٌ ليَستحقَّ قِيمتَها والراكِبُ يُنكرُ العارِيةَ فالقولُ قولُ المالكِ قولًا واحدًا؛ لأنَّ الاختِلافَ هاهنا في العَينِ لا في المَنفعةِ، والعَينُ قد قبَضَها الراكِبُ، والأَصلُ فيما يَقبضُه الإِنسانُ مِنْ مالِ غيرِه الضَّمانُ؛ لِقولِه : «على اليدِ ما أخذَت حتى تُؤديَه».

وإنْ كانَ الاختِلافُ بعدَ مُضي المُدةِ فإنَّ الراكِبَ يُقرُّ له بالأُجرةِ، والمالكُ يَدَّعي القِيمةَ، فإن كانَت القِيمةُ بقَدرِ الأُجرةِ فقيلَ: يَدفعُ إليه مِنْ غيرِ يَمينٍ؛ لأنَّهما اتَّفَقا أنَّ المالكَ يَستحِقُّ ذلك.

وقيلَ: لا تَثبتُ الأُجرةُ؛ لأنَّه لا يَدَّعيها، ولكنْ يَحلِفُ المالكُ على القِيمةِ، وهكذا الوَجهانِ لو كانَت القِيمةُ أقلَّ، هل يَستحِقُّها المالكُ مِنْ غيرِ يَمينٍ؟

وإنْ كانَت القِيمةُ أكثرَ لَم يَستحقَّ المالكُ ما زادَ على الأُجرةِ حتى يَحلِفَ، وهل يَستحِقُّ قَدرَ الأُجرةِ مِنْ غيرِ أنْ يَحلِفَ؟ على الوَجهَينِ (١).


(١) «البيان» (٦/ ٥٣٢، ٥٣٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦٣٣، ٦٣٤)، و «المغني» (٥/ ١٣٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>