للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعتَمِدُ إذْنَه كأعرْتُك هذا أو أعرْتُك مَنفعتَه وإنْ لَم يُضِفْه إلى العينِ، أو أعرْني أو خُذْه لِتَنتفعَ به؛ لأنَّ ذلك يَدلُ على الرضا القلبيِّ، فأُنِيطَ الحُكمُ به.

ويَكفي لَفظُ أحدِهما والفعلُ مِنْ الآخرِ: بأنْ يَقولَ: «أَعرْني»، فيُسلِّمها إليه المالكُ، أو يَقولُ المالكُ: «أعرْتُك»، فيَقبضُها الآخرُ، كما في إِباحةِ الطَّعامِ.

ولا يَكفي الفعلُ مِنْ الطَّرفينِ، وقيلَ: يَصحُّ.

وأما الأَخرسُ فتَصحُّ بإِشارتِه المَفهومةِ واستِعارتِه بها وبكِتابتِه، وكذا تَصحُّ بالكِتابةِ مِنْ الناطقِ كالبَيعِ، وأَولى بالمُراسلةِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: وتَنعقِدُ الإِعارةُ بكلِّ قَولٍ أو فِعلٍ يَدلُّ عليها كقولِه: أعرْتُك هذا الشيءَ أو أبحْتُ لك الانتِفاعَ به، أو يَقولُ المُستَعيرُ أعرْني هذا أو أعطِنِيه أركَبُه أو أحْمِلُ عليه، فيُسلِّمُه المُعيرُ إليه، ونحوُه كاسترِحْ على هذه الدابةِ، وكدَفعِه الدابَّةَ لرَفيقِه عندَ تَعبِه وتَغطيتِه بكِسائِه إذا رآه بَرَدَ؛ لأنَّها مِنْ البِرِّ فصحَّت بمُجرِّدِ الدَّفعِ كدَفعِ الصَّدقةِ، ومتى ركِبَ الدابَّةَ أو استَبقَى الكِساءَ عليه كانَ دَفعُ ذلك قَبولًا.

فيَكفي ما دلَّ على الرِّضى مِنْ قَولٍ أو فِعلٍ، كما لو سمِعَ مَنْ يَقولُ: أردْتُ مَنْ يُعيرُني كذا فأَعطاه كذا؛ لأنَّها إِباحةٌ لا عَقدٌ وأَشباه هذا؛ لأنَّه إِباحةٌ للتَّصرُّفِ فصحَّ بالقَولِ والفِعلِ الدالِّ عليه، كإِباحةِ الطَّعامِ بقولِه وتَقديمِه إلى الضَّيفِ (٢).


(١) «البيان» (٦/ ٥١٠)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦١٨، ٦١٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٤٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٧١).
(٢) «المغني» (٥/ ١٣٠)، و «الكافي» (٢/ ٣٨١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٧٨)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٧٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>