للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوضعِه أو تَشعَّبَ جَميعُه فلمْ تُمكِنْ عِمارتُه ولا عِمارةُ بَعضِه إلا ببَيعِ بَعضِه جازَ بَيعُ بَعضِهِ لتُعمرَ به بَقيتُه، وإنْ لم يُمكنِ الانتفاعُ بشيءٍ منه بِيعَ جَميعُه.

قالَ أحمدُ في رِوايةِ أبي داودَ: إذا كانَ في المَسجدِ خَشَبتانِ لهُما قيمةٌ جازَ بَيعُهما وصَرْفُ ثَمنِهما عليه، وقالَ في رِوايةِ صالِحٍ: يُحوَّلُ المَسجدُ خَوفًا مِنْ اللُّصوصِ وإذا كانَ مَوضِعُه قَذِرًا، قالَ القاضي: يَعني إذا كانَ ذلكَ يَمنعُ مِنْ الصَّلاةِ فيهِ، ونَصَّ على جوازِ بَيعِ عَرصَتِه في رِوايةِ عَبدِ اللهِ، وتَكونُ الشهادةُ في ذلكَ على الإمامِ، قالَ أبو بَكرٍ: وقد رَوى عَليُّ بنُ سَعيدٍ أنَّ المَساجِدَ لا تُباعُ، وإنما تُنقَلُ آلَتُها، قالَ: وبالقَولِ الأولِ أقولُ؛ لإجماعِهم على جَوازِ بَيعِ الفَرَسِ الحَبيسِ -يَعني المَوقوفةِ- على الغَزوِ إذا كَبُرَتْ فلمْ تَصلحْ للغَزوِ وأمكَنَ الانتفاعُ بها في شيءٍ آخَرَ، مِثل أنْ تَدورَ في الرَّحى أو يُحمَلَ عليها تُرابٌ أو تَكونَ الرغبةُ في نِتاجِها، أو حِصانًا يُتَّخذُ للطِّراقِ، فإنهُ يَجوزُ بَيعُها ويَشتري بثَمنِها ما يَصلحُ للغَزوِ، نَصَّ عليه أحمَدُ.

وقالَ مُحمدُ بنُ الحَسنِ: إذا خَرِبَ المَسجدُ أو الوَقفُ عادَ إلى مِلكِ واقِفِه؛ لأنَّ الوَقفَ إنَّما هو تَسبيلُ المَنفعةِ، فإذا زالَتْ مَنفعتُه زالَ حقُّ المَوقوفِ عليه منه، فزالَ مِلكُه عنهُ.

وقالَ مالِكٌ والشافعيُّ: لا يَجوزُ بَيعُ شيءٍ مِنْ ذلكَ؛ لقَولِ رَسولِ اللهِ : «لا يُباعُ أصلُها ولا تُبتاعُ ولا تُوهَبُ ولا تُورثُ»، ولأنَّ ما لا يَجوزُ بَيعُه مع بَقاءِ مَنافعِه لا يَجوزُ بَيعُه مع تَعطُّلِها كالمُعتَقِ، والمَسجدُ أشبَهُ الأشياءِ بالمُعتَقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>