للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّما لم يُبعِ الرَّبعُ المُحبَّسِ إذا خَرِبَ لأنه يَجِدُ مَنْ يُصلِحُه بإجارتِه سِنينَ فيَعودَ كما كانَ.

ودَليلٌ آخَرُ وهو أنَّ ما لا يَنقلُ الحَبسَ عن مُقتضاهُ إذا لم تَخرَبْ فإنه لا يَنقلُه عن مُقتضاهُ وإنْ خَرِبَ كالغَصبِ.

وكذا لا يُباعُ نَقضُ الحَبسِ مِنْ الأحجارِ والآجُرِّ والأخشابِ وإنْ خَرِبَ، فإذا لم يُمكِنْ عَودُها فيما حُبسَتْ فيه جازَ نَقلُها في مِثلِه.

إلا أنْ يُباعَ العَقارُ الحَبسُ ولو غيرَ خَرِبٍ لتَوسيعِ مَسجدٍ إذا ضاقَ المَسجدُ بأهلِه واحتاجَ إلى تَوسعةٍ وبجانِبِه عَقارٌ حَبسٌ أو مِلكٌ، فإنه يَجوزُ بَيعُ الحَبسِ لأجلِ تَوسعةِ المَسجدِ، ومثلُ تَوسعةِ المَسجدِ تَوسعةُ طَريقِ المُسلمينَ ومَقبرتِهم؛ لأنه نَفعٌ عامٌّ للمُسلمينَ، ونَفعُ ذلكَ أعَمُّ مِنْ بَيعِ الدَّارِ المُحبسةِ، وسَواءٌ كانَ الوَقفُ على مُعيَّنٍ أو غَيرِ مُعيَّنٍ، وإنْ أبَى صاحِبُ الحَبسِ أو الناظِرُ أو صاحِبُ المِلكِ عن بَيعِ ذلكَ فالمَشهورُ أنهمْ يُجبَرونَ على بَيعِ ذلكَ.

وإذا باعَ أربابُ الدُّورِ المُحبسةِ لأجْلِ تَوسعةِ المَسجدِ أو المَقبرةِ أو الطَّريقِ فأخَذُوا الثَّمنَ فإنهمْ يُؤمَرونَ بأنْ يَجعلوهُ في حَبسِ غَيرِه (١).


(١) «جامع الأمهات» (١/ ٤٥٢)، و «المنتقى» (٦/ ١٣١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٨٠، ٤٨١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٨٢، ٥٨٣)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩٤، ٩٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٥٧)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٦٤)، و «منح الجليل» (٨/ ١٥٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>