للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجازَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ الاستِمتاعَ بما بينَ السُّرةِ والرُّكبةِ من وَراءِ حائِلٍ، ومنَعَ ذلك المالِكيةُ.

وذهَبَ الإمامُ أحمدُ ومُحمدُ بنُ الحَسنِ من الحَنفيةِ وأصبَغُ بنُ الفَرجِ من المالِكيةِ وبَعضُ أَصحابِ الشافِعيِّ قالَ النَّوويُّ: وهذا الوَجهُ أَقوى من حيثُ الدَّليلُ وهو المُختارُ، إلى جَوازِ الاستِمتاعِ من الحائِضِ فيما دونَ الفَرجِ، فله أنْ يَستمتعَ بما بينَ السُّرةِ والرُّكبةِ. واستحَبَّ الحَنابِلةُ سَتْرَ الفَرجِ عندَ المُباشرةِ، واحتَجُّوا على ذلك بقَولِه تَعالى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ والمَحيضُ اسمٌ لمَكانِ الحَيضِ، كالمَقيلِ والمَبيتِ، فتَخصيصُه مَوضعَ الدَّمِ بالاعتِزالِ دَليلٌ على إِباحتِه فيما عَداه.

وبقَولِ النَّبيِّ : «اصنَعوا كلَّ شَيءٍ إلا النِّكاحَ» (١)، ولأنَّه منَعَ الوَطءَ لأجلِ الأذَى، فخَصَّ مَكانَه، كالدُّبرِ، وأمَّا حَديثُ عائِشةَ السابِقُ فهو دَليلٌ على حِلِّ ما فوقَ الإِزارِ لها على تَحريمِ غيرِه، وقد يَتركُ النَّبيُّ بعضَ المُباحِ تَقذُّرًا، كتَركِه أكلَ الضَّبِّ والأرنَبِ، وبحَديثِ مَسروقٍ أنَّه قالَ لعائِشةَ : إنِّي أُريدُ أنْ أسألَكِ عن شَيءٍ وأنا أستَحْيِي، فقالَت: إنَّما أنا أُمُّك وأنتَ ابْني، فقالَ: ما يَحلُّ للرَّجلِ من امرأتِه إذا كانَت حائِضًا؟ فقالَت: «كلُّ شَيءٍ إلا فَرجُها» (٢).


(١) رواه مسلم (٣٠٢).
(٢) إِسنادُه صَحيحٌ رواه ابنُ جَريرٍ في «تفسيره» (٢/ ٣٨٣)، وانظر: «تفسير ابن كثير» (١/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>