للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ النَّبيَّ قالَ لها لمَّا حاضَت: «افعَلي ما يَفعلُ الحاجُّ، غيرَ ألَّا تَطوفي بالبَيتِ» (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وفيه دَليلٌ على أنَّ الطَّوافَ لا يَصحُّ من الحائِضِ، وهذا مُجمعٌ عليه، لكنِ اختَلَفوا في عِلتِه على حَسبِ اختِلافِهم في اشتِراطِ الطَّهارةِ للطَّوافِ، فقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ: هي شَرطٌ، وقالَ أبو حَنيفةَ: ليسَت بشَرطٍ، وبه قالَ داودُ، فمَن شرَطَ الطَّهارةَ قالَ: العِلةُ في بُطلانِ طَوافِ الحائِضِ عَدمُ الطَّهارةِ، ومَن لم يَشتَرِطْها قالَ: العِلةُ فيه كَونُها مَمنوعةً من اللُّبثِ في المَسجدِ (٢).

وقد نقَلَ الإِجماعَ على ذلك جَماعةٌ من العُلماءِ، منهم ابنُ عبدِ البَرِّ وابنُ جَريرٍ وابنُ هُبيرةَ وغيرُهم.

ثم إنَّ الطَّوافاتِ المَشروعةَ في الحَجِّ ثَلاثةٌ:

الأولُ: طَوافُ القُدومِ: وهو سُنةٌ عندَ عامةِ الفُقهاءِ ما عَدا المالِكيةَ في قَولٍ؛ فإنَّ الإمامَ مالِكًا قالَ في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ وابنِ عبدِ الحَكمِ بوُجوبِه، وهو أيضًا قَولٌ عندَ الحَنابِلةِ ذكَرَه المِرداويِّ في «الإنصاف».

والثاني: طَوافُ الإفاضةِ: وهو رُكنٌ من أَركانِ الحَجِّ بالاتِّفاقِ.

والثالِثُ: طَوافُ الوَداعِ: وهو واجِبٌ عندَ أبي حَنيفةَ وأحمدَ والشافِعيِّ في أصَحِّ قَولَيه، وتَركُه لغيرِ عُذرٍ يُوجبُ دَمًا.


(١) رواه البخاري (٢٩٠، ٢٩٩)، ومسلم (١٢١١).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٨/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>