للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرضِه تَوثِقةً وأمنًا مِنْ التفريطِ في ضَياعِه، وهذا مَعنًى صَحيحٌ يُقصَدُ شَرعًا، فوجَبَ اتِّباعُ شَرطِه، وبه يُعلَمُ رَدُّ تَضعيفِ بَعضهم لِما قالَه القفَّالُ بأنَّ الراهِنَ أحَدُ المُستحِقِّينَ والراهِنُ لا يَكونُ مُستحِقًّا، وبأنَّ المَقصودَ بالرهنِ الوَفاءُ مِنْ ثَمنِ المَرهونِ عند التَّلفِ، وهذا المَوقوفُ لو تَلفَ بلا تَعدٍّ ولا تَفريطٍ لم يضمَنْ (١).

وقالَ في «العُبَاب»: لو شرَطَ في وَقفِ كِتابٍ مثلًا ألا يُعارَ إلا برَهنٍ اتُّبعَ شَرطُه، فلو تَلفَ الكِتابُ مع المُستعيرِ بلا تَفريطٍ لم يَضمنْه، ويَرجعُ في رَهنِه (٢).

وقد ذكَرَ الحَنفيةُ بعضَ الأمثِلةِ لصِحَّةِ الوَقفِ مع بُطلانِ الشَّرطِ منها:

أ- شَرطُ الواقفِ العَزلَ والنَّصبَ وسائِرَ التَصرُّفاتِ لمن يَتولَّى مِنْ أولادِه ولا يُداخِلُهم أحَدٌ مِنْ القُضاةِ والأُمراءِ، وإنْ داخَلوهُم فعليهِم لَعنةُ اللهِ، فهذا شَرطٌ فاسِدٌ.

قالَ ابنُ عابدِينَ : وفي مَعرُوضاتِ المُفتي أبي السُّعودِ: لو شرَطَ الواقِفُ العَزلَ والنَّصبَ وسائرَ التَّصرفاتِ لمن يَتولَّى مِنْ أولادِه ولا يُداخِلُهم أحَدٌ مِنْ القُضاةِ والأمَراءِ، وإنْ داخَلوهُم فعليهِم لَعنةُ اللهِ، هل يُمكِنُ مُداخَلتُهم؟


(١) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٢/ ٢٨١).
(٢) «العباب» (٨٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>