بأنْ يضَعَ في خِزانةِ الوَقفِ ما يَتذكَّرُ هو به إعادةَ المَوقوفِ ويَتذكَّرُ الخازِنُ مُطالَبتَه، فيَنبغي أنْ يَصحَّ هذا، ومتى أخَذَه على غَيرِ هذا الوَجهِ الذي شرَطَه الواقِفُ يَمتنعُ، ولا نَقولُ بأنَّ تلكَ التَّذكرةَ تَبقى رَهنًا، بل له أنْ يَأخذَها، فإذا أخَذَها طالَبَه الخازِنُ برَدِّ الكِتابِ، ويَجبُ عليه أنْ يَردَّه أيضًا بغَيرِ طَلبٍ، ولا يَبعدُ أنْ يُحمَلَ قَولُ الواقفِ الرَّهنَ على هذا المَعنى حتى يَصِحُّ إذا ذكَرَه بلَفظِ الرَّهنِ؛ تَنزيلًا للَّفظِ على الصِّحةِ ما أمكَنَ، وحِينئذٍ يَجوزُ إخراجُه بالشَّرطِ المَذكورِ ويَمتنعُ لغَيرهِ، لكنْ لا تَثبتُ له أحكامُ الرَّهنِ ولا يَستحِقُّ بَيعَهُ، ولا بدَلَ الكِتابِ المَوقوفِ إذا تَلِفَ بغَيرِ تَفريطٍ، ولو تَلفَ بتَفريطٍ ضَمِنَه، ولكنْ لا يَتعيَّنُ ذلكَ المَرهونُ لوَفائِه، ولا يَمتنعُ على صاحِبِه التَّصرفُ فيهِ. انتهى
وقَولُ أصحابِنا:«لا يَصحُّ الرَّهنُ بالأماناتِ» شامِلٌ للكُتبِ المَوقوفةِ، والرَّهنُ بالأماناتِ باطِلٌ، فإذا هلَكَ لا يَجبُ شيءٌ، بخِلافِ الرَّهنِ الفاسِدِ؛ فإنه مَضمونٌ كالصَّحيحِ، وأمَّا وُجوبُ اتِّباعِ شَرطِه وحَملُه على المعنى اللُّغويِّ فغَيرُ بَعيدٍ (١).
وقالَ الحَطَّابُ ﵀: الرابِعُ: قالَ في «المَسَائِل المَلقُوطَة»: سُئلَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ: إذا وقَفَ كِتابًا على عامَّةِ المُسلمينَ وشرَطَ ألا يُعارَ إلا برَهنٍ، فهل يَصِحُّ هذا الرَّهنُ أم لا؟
(١) «الأشباه والنظائر» (٣٥٥، ٣٥٦)، و «مجمع الضمانات» (٢٤٧)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٥٢).