للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَنبغي أنه إذا وقَفَها في الحَجرِ للسَّفهِ على نَفسِهِ ثمَّ لجِهةٍ لا تَنقطِعُ أنْ يَصحَّ على قَولِ أبي يُوسفَ، وهو الصَّحيحُ عندَ المُحَقِّقينَ، وعندَ الكُلِّ إذا حكَمَ به حاكِمٌ، كذا في «فَتْح القَديرِ»، وهو مَدفوعٌ بأنَّ الوَقفَ تَبرعٌ وهو ليسَ مِنْ أهلِهِ (١).

وفي «النَّهْر»: يُمكِنُ أنْ يُجابَ بأنَّ المَمنوعَ التَّبرعُ على غيرِه لا على نَفسِه كما هُنا، واستِحقاقُ الغَيرِ له إنَّما هو بعد مَوتِه (٢).

وقالَ ابنُ عابدِينَ : وشَرطُه شَرطُ سائِرِ التَّبرعاتِ، عن «الفَتْح» أنه لو وقَفَه على نَفسِه ثمَّ على جِهةٍ لا تَنقطِعُ يَنبغي أنْ يَصحَّ على قَولِ أبي يُوسفَ المُصحَّحِ، وعند الكُلِّ إذا حكَمَ به حاكِمٌ. اه وتقدَّمَ هُناكَ الكَلامُ عليه.

وحاصِلُه: أنَّ وقْفَه على نَفسِه ليس تَبرعًا، بَقيَ أنَّ عدَمَ صِحةِ وَقفِ المَحجورِ إنَّما يَظهرُ على قَولِهما بصِحةِ حَجْرِ السَّفيهِ، أمَّا على قولِه -أي: أبي حَنيفةَ- فلا؛ لأنه لا يَرى صِحةَ حَجرِه -كما تقدَّمَ في الحَجرِ- فيَبقَى تَصرُّفُه نافِذًا، وعن هذا حكَمَ بَعضُ القُضاةِ بصِحةِ وَقفِه؛ لأنَّ القَضاءَ بحَجرِه لا يَرفَعُ الخِلافَ؛ لوُقوعِ الخِلافِ في نَفسِ القَضاءِ كما صرَّحَ به في «الهِدايَة»، فيَصحُّ الحُكمُ بصِحةِ تَصرُّفِه عندَ الإمامِ، فيَصحُّ وَقفُه.

لكنَّ الحُكمُ بلُزومِه مُشكِلٌ؛ لأنَّ الإمامَ وإنْ قالَ بصِحةِ تَصرُّفِه لكنَّه لا يَقولُ بلُزومِ الوَقفِ، والقائِلُ بلُزومِه لا يَقولُ بصِحةِ تَصرُّفِ المَحجورِ،


(١) «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٣).
(٢) «ابن عابدين» (٤/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>