للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الطَّحاوِيُّ : حدَّثَنا يُونسُ قالَ: أخبَرَنا ابنُ وَهبٍ أنَّ مالِكًا أخبَرَه عن زيادِ بنِ سَعدٍ عن ابنِ شِهابٍ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ قالَ: «لَولا أني ذَكَرتُ صَدَقتي لرَسولِ اللهِ أو نَحوَ هذا- لَردَدتُها» (١)، فلمَّا قالَ عمرُ هذا دَلَّ ذلكَ أنَّ نَفسَ الإيقافِ للأرضِ لم يَكنْ يَمنعُه مِنْ الرُّجوعِ فيها، وأنه إنَّما منَعَه مِنْ الرُّجوعِ فيها أنَّ رَسولَ اللهِ أمَرَه فيها بشيءٍ وفارَقَه على الوَفاءِ به، فكَرِهَ أنْ يَرجعَ عن ذلكَ، كما كَرهَ عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو أنْ يَرجعَ بعد مَوتِ رَسولِ اللهِ عن الصَّومِ الذي كانَ فارَقَه عليه أنْ يَفعلَه، وقد كانَ له أنْ لا يَصومَ، ثمَّ هذا شُريحٌ وهو قاضِي عُمرَ وعُثمانَ وعليٍّ الخُلفاءِ الراشِدينَ المَهديِّينَ أجمَعينَ قد رُويَ عنه في ذلكَ أيضًا ما قد حدَّثَنا سُليمانُ بنُ شُعيبٍ عن أبيهِ عن أبي يُوسفَ عن عَطاءِ بنِ السَّائبِ قالَ: «سَألتُ شُريحًا عن رَجلٍ جعَلَ دارَه حَبسًا على الآخِرِ فالآخِرِ مِنْ ولَدِه، فقالَ: إنَّما أقضِي ولستُ أُفتي، قالَ: فناشَدتُه، فقالَ: لا حَبْسَ على فَرائضِ اللهِ»، وهذا لا يَسعُ القُضاةَ جَهلُه ولا يَسعُ الأئمَّةَ تَقليدُ مَنْ يَجهلُ مِثلَه، ثمَّ لا يُنْكِرُ ذلكَ عليه مُنكِرٌ مِنْ أصحابِ رَسولِ اللهِ ولا مِنْ تابِعيهم رَحمَة اللهِ عليهِم (٢).

وقَولُ رَسولِ اللهِ : «يَقولُ ابنُ آدَمَ: مالِي مالِي، قالَ: وهلْ لكَ يا ابنَ آدَمَ مِنْ مالِكَ إلا ما أَكلْتَ فأَفنَيتَ أو لَبِستَ فأَبلَيتَ أو تَصدَّقتَ


(١) مُنقطِعٌ؛ فإنَّ ابنَ شِهابٍ الزُّهريَّ لمْ يَسمعْ مِنْ عُمرَ.
(٢) «شرح معاني الآثار» (٤/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>