للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ أقَلَّ الطُّهرِ بينَ الحَيضَتَين ثَلاثةَ عَشرَ يَومًا واحتَجُّوا على ذلك بما رُويَ عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ : «أنَّ امرأةً جاءَته قد طلَّقَها زَوجُها، فزعَمَت أنَّها حاضَت في شَهرٍ ثَلاثَ حِيَضٍ، وطَهُرت عندَ كلِّ قُرءٍ وصلَّت، فقالَ عليٌّ لشُرَيحٍ: «قُلْ فيها»، فقالَ شُريحٌ: إنْ جاءَت ببيِّنةٍ من بِطانةِ أهلِها ممَّن يُرضَى بدينِه وأمانَتِه، يَشهَدونَ أنَّها حاضَت في شَهرٍ ثَلاثَ حِيَضٍ، وطَهُرت عندَ كلِّ قُرءٍ، وصلَّت فهي صادِقةٌ، وإلَّا فهي كاذِبةٌ، فقالَ عليٌّ: «قالونَ، وعقَدَ ثَلاثينَ بيَدِه، يَعني بالرُّوميةِ، أي جيِّدٌ بالرُّوميةِ، أو أصَبتَ أو أحسَنتَ» (١).

قالوا: وهذا لا يَقولُه إلا تَوقيفًا، وهو قَولُ صَحابيٍّ اشتُهِرَ، ولم يُعلَمْ خِلافُه، ووُجودُ ثَلاثِ حِيَضٍ في شَهرٍ دَليلٌ على أنَّ الثَّلاثةَ عَشرَ طُهرٌ صَحيحٌ يَقينًا.

قالَ الإمامُ أحمدُ: لا يُختلَفُ أنَّ العِدةَ تَنقَضي في شَهرٍ إذا قامَت به البَيِّنةُ.

وغالِبُ الطُّهرِ باقي الشَّهرِ الهِلاليِّ بعدَ غالِبِ الحَيضِ، وهو عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ أربَعٌ وعِشرونَ أو ثَلاثٌ وعِشرونَ؛ لحَديثِ حَمنةَ بِنتِ جَحشٍ وعندَ الحَنفيةِ خَمسةٌ وعِشرونَ (٢).


(١) رواه البخاري مُعلقًا: بابُ إذا حاضَت في شهرٍ ثلاثَ حِيض (١/ ٥٠٥)، ووصَلَه الدارمي (٨٥٥)، وسعيد بن منصور في «سننه» (١٣٠٩)، وابن أبي شيبة (٤/ ٢٠٠)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (١٢/ ٣٨١) قالَ الحافظ في «الفتح» (١/ ٥٠٦): رجالُه ثِقاتٌ.
(٢) «المغني» (١/ ٤٠٣)، و «الإنصاف» (١/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>