للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطَلتِ الوَكالةُ؛ لأنَّه زالَ تَصرُّفُ المُوكِّلِ، فزالَتْ وَكالتُه؛ لأنَّه إذا تصرَّفَ فيما وُكِّلَ بهِ: تَعذَّرَ تَصرُّفُ الوَكيلِ فيه بعدَ ذلك (١).

قالَ الحَنفيَّةُ: مَنْ وكَّل آخَرَ في شَيءٍ ثم تصرَّفَ فيما وكَّل به بنَفْسِه، أو وَكيلٌ آخَرُ، تَصرُّفًا يَعجِزُ الوَكيلُ عن الِامتِثالِ به، بطَلتِ الوَكالةُ؛ لأنَّه إذا تصرَّفَ فيما وكَّل به تَعَذَّرَ تَصرُّفُ الوَكيلِ فيه بعدَ ذلك.

وَذلك نحوَ ما إذا وكَّله ببَيعِ عَبدِه فباعه المُوكِّلُ أو أعتَقَه أو دَبَّرَه أو كاتَبَه أو وَهَبَه، وكذا إذا استُحِقَّ أو كانَ حُرَّ الأصْلِ؛ لأنَّ الوَكيلَ عَجزَ عن التَصرُّفِ؛ لِزَوالِ مِلْكِ المُوكِّلِ، فيَنتَهي حُكمُ الوَكالةِ، كما إذا هَلكَ العَبدُ.

أو يُوكِّلُه في طَلاقِ امرَأتِه، فيُطلِّقُها الزَّوجُ ثَلاثًا، أو واحِدةً، وانقَضَتْ عِدَّتُها.

وَإنَّما قُيِّدَ بانقِضاءِ عِدَّتِها؛ لأنَّها إذا لَم تَنقَضِ يَجوزُ لِلوَكيلِ أنْ يُطلِّقَها أيضًا، أمَّا إذا انقَضَتْ لا يَجوزُ له ذلك.

ولو تَزوَّجها المُوكِّلُ بعدَ ذلك فليسَ لِلوَكيلِ أنْ يُطلِّقَها، وإنْ كانَ لِلمُوكِّلِ ذلك؛ لأنَّ تَطليقَها حينَئذٍ بسَبَبٍ جَديدٍ، وهو حاصِلٌ لِلمُوكِّلِ دونَ الوَكيلِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٧)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٨٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٦، ٤٩٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٨)، و «اللباب» (١/ ٥٦٣)، و «درر الحكام» (٧/ ٣٦٣)، و «ابن عابدين» (٧/ ٣٩٤)، و «المغني» (٥/ ٧٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥١٧)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٥٥، ٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>