فأمَّا إذا ارتَدَّ المُوكِّلُ: فهَلْ يَبطُلُ تَوكِيلُه؟ فيه ثَلاثةُ أقوالٍ، بِناءً على زَوالِ مِلْكِه بالرِّدَّةِ.
أحَدُها: يَزولُ مِلْكُه، فتَبطُلُ وَكالَتُه.
والثَّاني: لا يَزولُ مِلْكُه، فلا تَبطُلُ وَكالَتُه.
والثَّالثُ: أنَّ مِلْكَه مَوقوفٌ؛ فإنْ رجَع إلى الإسلامِ لَم يَزُلْ مِلْكُه، ولا تَبطُلُ وَكالَتُه، وإنْ ماتَ على الرِّدَّةِ، أو قُتِلَ عليها زالَ مِلْكُه بالرِّدَّةِ، فبطَلتْ وَكالَتُه، وهَكذا إذا وكَّل المُرتَدُّ مُسلِمًا فهَل تَصحُّ وَكالَتُهُ؟ على هذه الأقوالِ الثَّلاثةِ (١).
وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: لا تَبطُلُ الوَكالةُ برِدَّةِ الوَكيلِ، سَواءٌ لَحِقَ بدارِ الحَربِ أو أقامَ؛ لأنَّه يَصحُّ تَصرُّفُه لِنَفْسِه، فلَمْ تَبطُلْ وَكالَتُه، ولأنَّ الرِّدةَ لا تَمنَعُ ابتِداءَ وَكالَتِه، فلا تَمنَعُ استَدامَتُها، كَسائِرِ الكُفرِ.
وفي قَولٍ: تَبطُلُ برِدَّةِ المُوكِّلِ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنِ ارتَدَّ المُوكِّلُ لَم تَبطُلِ الوَكالةُ فيما له التَصرُّفُ فيه.
فأمَّا الوَكيلُ في مالِه فيَنبَني على تَصرُّفِه نَفْسِه، فإنْ قُلْنا:«يَصحُّ تَصرُّفُه» لَم يَبطُلْ تَوكيلُه.