وَجُملةُ الكَلامِ فيه أنَّه إذا قالَ: اشترَيتُه لِنَفْسِي، وصدَّقه المُوكِّلُ، فالمُشترَى له، وإذا قالَ المُوكِّلُ: اشترَيتَه لي، وصدَّقه الوَكيلُ، فالمُشترَى لِلمُوكِّلِ؛ لأنَّ الوَكيلَ بشِراءِ شَيءٍ بغيرِ عَيْنِه يَملِكُ الشِّراءَ لِنَفْسِه، كما يَملِكُ لِلمُوكِّلِ، فاحتُمِلَ شِراؤُه لِمُوكِّلِه، فيَحكُمُ فيه التَّصديقُ، فيُحمَلُ على أحَدِ الوَجهَيْنِ بتَصادُقِهِما.
ولو اختَلَفا فقالَ الوَكيلُ: اشترَيتُه لِنَفْسِي، وقالَ المُوكِّلُ: اشترَيتَه لي، يَحكُمُ فيه الثَّمنُ، فإنْ أدَّى الوَكيلُ الثَّمنَ مِنْ دَراهِمِ نَفْسِه فالمُشترَى له، وإنْ أدَّاه مِنْ دَراهِمِ مُوكِّلِه فالمُشترَى لِمُوكِّلِه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ نَقدُ الثَّمنِ مِنْ مالِ مَنْ يَشترِي له، فكانَ الظَّاهِرُ شاهِدًا لِلثَّمنِ فكانَ صادِقًا في حُكمِه.
وأمَّا إذا لَم تَحضُرْه النِّيَّةُ وَقتَ الشِّراءِ، واتَّفقَا عليه، يَحكُمُ فيه الثَّمنُ أيضًا عندَ أبي يُوسفَ، وعندَ مُحمَّدٍ يَكونُ الشِّراءُ لِلوَكيلِ.
وَجهُ قَولِ مُحمَّدٍ ﵀ أنَّ الأصلَ أنْ يَكونَ الإنسانُ مُتَصرِّفًا لِنَفْسِه لا لِغيرِه، فكانَ الظَّاهِرُ شاهِدًا لِلوَكيلِ، فكانَ المُشترَى له.
وَجهُ قَولِ أبي يُوسفَ ﵀ أنَّ أُمورَ المُسلِمينَ مَحمولةٌ على الصَّلاحِ والسَّدادِ ما أمكَنَ، وذلك في تَحكيمِ الثَّمنِ على ما مَرَّ (١).
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣١)، و «المبسوط» (١٩/ ٨٥)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٢)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٦)، و «العناية شرح الهداية» (١١/ ١٢٨)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٦٣)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٥٨، ١٥٩)، و «ابن عابدين» (٥/ ٥١٧، ٥١٨).