للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببَذْلِ دِينارٍ رَضيَ مَكانَه بدِرهَمٍ (١).

وَكَلامُ الحَنابِلةِ هذا فيما إذا خالَفَ لِلأحسَنِ؛ لأنَّ الدَّنانيرَ أغلَى مِنْ الدَّراهِمِ، لكنْ لو فُرِضَ العَكسُ بأنْ قالَ له: اشتَرِه بدِرهَمٍ، فاشتَراه بدِينارٍ، يَصحُّ الشِّراءُ، وضَمِنِ الوَكيلُ الزَّائِدَ على مُقتَضَى مَذهبِهم.

وأمَّا المالِكيَّةُ فاختَلَفوا فيما إذا قالَ المُوكِّلُ لِلوَكيلِ: بِعْ بالذَّهَبِ، فباعَ بالدَّراهِمِ، أو بِعْ بالدَّراهِمِ فباعَ بالذَّهَبِ، وكذا الشِّراءُ، هَلْ ذلك لَازِمٌ لِلمُوكِّلِ أو له الخِيارُ؟ قَولانِ مَشهورانِ بِناءً على أنَّهما جِنسانِ، أو جِنسٌ واحِدٌ:

الأوَّلُ: أنَّ المُوكِّلَ مُخيَّرٌ بينَ الإمضاءِ والفَسخِ، بِناءً على أنَّهما جِنسانِ مُختَلِفانِ؛ لأنَّه لو أودَعَه دَنانيرَ فتَسلَّفَها ورَدَّها دَراهِمَ لَم يَبرَأِ اتِّفاقًا، ولو كانَ رَأْسُ مالِ القِراضِ دَنانيرَ فرَدَّه العامِلُ دَراهِمَ لَم يَلزَمْ رَبَّ المالِ قَبولُها.

والقَولُ الآخَرُ: أنَّه يَلزَمُ المُوكِّلَ ولا خِيارَ له؛ لأنَّهما جِنسٌ واحِدٌ في العُرفِ، قالَ اللَّخمِيُّ: لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهُما يَسُدُّ مَسَدَّ صاحِبِه، إلَّا أنْ يَعلَمَ أنَّ ذلك كانَ لِغَرَضِ الآمِرِ، فيُرَدُّ فيه البَيعُ إذا كانَ قائِمًا، فإنْ فاتَ وغابَ المُشتَرِي كانَ الآمِرُ بالخِيارِ بينَ أنْ يُجيزَ أو يُباعَ بالثَّمنِ ويَشترِيَ له مثلَ ما أمَرَ.


(١) «المغني» (٥/ ٧٩)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٢٧)، و «المبدع» (٤/ ٣٧٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٨٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٥)، و «الروض المربع» (٢/ ٦٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٢٢)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>