وذكَر أصبَغُ ﵀ في «العُتْبِيَّةِ»: عن ابنِ القاسِمِ في قَبضِ الآمِرِ السِّلعةَ، وقالَ: دَفَعتَ إلى المأْمورِ الثَّمنَ، فإنْ كانَ المأْمورُ دفَع الثَّمنَ لِلبائِعِ فالقَولُ قَولُ الآمِرِ مَع يَمينِه، وإنْ لَم يَنقُدْ حلَف المأْمورُ: ما قَبَضَ، وأُخِذَ مِنْ الآمِرِ.
قالَ سَحنونٌ ﵀: إنْ كانَ أشهَدَ حينَ دفَع أنَّه إنَّما يَنقُدُ مِنْ مالِه لَم يُقبَلْ قَولُ الآمِرِ أنَّه دفَع إليه.
قالَ بعضُ فُقهاءِ القَرَويِّينَ: ما في كِتابِ مُحمَّدٍ خِلافُ هذا؛ لأنَّه ذكَر أنَّ الثَّمنَ لَم يَدفَعْه المأْمورُ لِلبائِعِ، وجعَل القولَ قولَ الآمِرِ؛ لأنَّ السِّلعةَ ليسَتْ برَهْنٍ في يَدِ المأْمورِ، وعلى قَولٍ، ويُشبِهُ لو لَم يَدفَعِ السِّلعةَ أنَّ القولَ قَولُه على قَولِ أشهَبَ، وإنْ نقَد؛ لأنَّه يَراها كَرَهْنٍ في يَدِه؛ إذْ له حَبسُها حتى يَقبِضَ الثَّمنَ، وعلى قَولِ ابنِ القاسِمِ ليسَ له حَبْسُها، وعلى قَوله يَكونُ القَولُ قولَ الآمِرِ، ويَجِبُ إنْ دفَع السِّلعةَ لِلآمِرِ أنْ يَكونَ القَولُ قولَ الآمِرِ؛ إذْ لَم يَبقَ بيَدِ المأْمورِ عِوَضٌ عَمَّا دفَعه، وعَمَّا هو مَجبورٌ على دَفعِه، وجعَل في العُتْبِيَّةِ القولَ قوله بعدَ دَفْعِ السِّلعةِ؛ إذْ لَم يَدفَعِ الثَّمنَ لِلبائِعِ، فأحَلَّه مَحَلَّ البائِعِ؛ إذِ الثَّمنُ لا يَسقُطُ عن المُشتَرِي بقَبْضِ السِّلعةِ مِنه، فمتى لَم يَقبِضِ الثَّمنَ كانَ القَولُ قولَ المأْمورِ (١).
وقالَ الشَّافِعيَّةُ: وإذا وكَّله في شِراءِ شَيءٍ مَوصوفٍ أو مُعيَّنٍ لا يَجوزُ له أنْ يَشترِيَ مَعيبًا إذا علِم بعَيبِهِ؛ لأنَّ عليه نُصحَ مُوكِّلِه، اللَّهمَ إلَّا أنْ يَكونَ غَرَضُ المُوكِّلِ التِّجارةَ؛ فإنَّه يَصحُّ كَعامِلِ القِرَاضِ وشَريكِ التِّجارةِ والعَبدِ
(١) «المختصر الفقهي» (١٠/ ٣٠٩، ٣١١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute