الوَكيلُ فيه على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ؛ لِتَضادِّ غَرَضَيْ الِاستِرخاصِ له، والِاستِقصاءِ لِلمُوكِّلِ، وقالَ ابنُ سُرَيجٍ: يَصحُّ إنْ أَذِنَ له.
وكذا لو قدَّر له الثَّمنَ، ونَهاه عن الزِّيادةِ، لا يَجوزُ، على الصَّحيحِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدمُ اتِّحادِ المُوجِبِ والقابِلِ مِنْ شَخصٍ واحِدٍ، وليسَتِ العِلَّةُ التُّهمةَ، بَلْ عَدمُ انتِظامِ الإيجابِ والقَبولِ مِنْ شَخصٍ واحِدٍ، وقالَ ابنُ الرِّفعةِ: يَنبَغي أنْ يَجوزَ؛ لِعدمِ التُّهمةِ، ولو وكَّله في هِبةٍ أو دَيْنٍ مِنْ نَفْسِه لَم يَصحَّ لِذلك.
قالَ الماوَرديُّ ﵀: فأمَّا إذا جعَل المُوكِّلُ إلى وَكيلِه أنْ يَبيعَ على نَفْسِه أو يَشترِيَ مِنْ نَفْسِه فمَذهبُ الشَّافِعيِّ ﵀ أنَّه غيرُ جائِزٍ؛ لِمَا فيه مِنْ التَّناقُضِ المَقصودِ، وتَنافِي الغَرَضَيْنِ؛ لأنَّ عَقدَ الوَكالةِ قَدْ أوجَبَ عليه الِاستِقصاءَ لِمُوكِّلِه، وإذا كانَ هو المُشتَرِيَ انصَرَفَ إلى الِاستِقصاءِ لِنَفْسِه.
وقالَ ابنُ سُرَيجٍ ﵀: يَجوزُ ذلك، كما يَجوزُ أنْ يَجعَلَ إلى زَوجَتِه الطَّلاقَ لِنَفْسِها، أو إلى أَمَتِه عِتْقَها.
وهذا خَطَأٌ؛ لِمَا ذَكَرْنا مِنْ الفَرقِ بينَ البَيعِ والطَّلاقِ والعِتقِ في ثَلاثةِ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّ في البَيعِ ثَمَنًا يَختلِفُ بالزِّيادةِ والنُّقصانِ، فصارَ بالمَيلِ إلى نَفْسِه مُتهَوِّمًا فيه، وليسَ في الطَّلاقِ والعِتقِ ثَمَنٌ تَصيرُ بالمَيلِ إلى نَفْسِها مُتهَوِّمةً فيه.
والثَّاني: أنَّ العِتقَ والطَّلاقَ أوسَعُ، لِوُقوعِها بالصِّفاتِ، وتَعليقِها على الغَرَرِ والجَهالاتِ، والبَيعُ أضيَقُ حُكمًا مِنه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute