للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ المُوكِّلَ إذا وكَّله أنْ يَبيعَ له سِلعةً بثَمَنٍ حالٍّ لَم يَجُزْ لِلوَكيلِ أنْ يَبيعَها بثَمَنٍ مُؤجَّلٍ، قَلَّ الأجَلُ أو كَثُرَ، وسَواءٌ كانَ البَيعُ بالنَّسيئةِ، نَفَعَ أو أضَرَّ؛ لأنَّه إنَّما يَتصرَّفُ بإذْنِه، ولَم يَأذَنْ في غيرِ ذلك.

قالَ الشَّافِعيَّةُ: حتى لو باعَه بأجَلٍ ثم احتَبَسَ المَبيعُ حتى حَلَّ الأجَلُ وقبَض الثَّمنَ، لَم يَجُزْ؛ لِوُقوعِ العَقدِ فاسِدًا (١).

وذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّ البَيعَ لا يُنَفَّذُ، ويَتوقَّفُ على إجازةِ المُوكِّلِ، فإنْ أجازَه نُفِّذَ ولَزِمَه، وإنْ رَدَّه لا يُنَفَّذُ في حَقِّه.

قالَ الكاسانيُّ : الوَكيلُ بالبَيعِ إنْ كانَ مُقيَّدًا يُراعَى فيه القَيدُ بالإجماعِ، حتى إنَّه إذا خالَفَ قَيدَه لا يُنَفَّذُ على المُوكِّلِ، ولكنْ يَتوقَّفُ على إجازَتِه … كما لو وكَّله بالبَيعِ بألْفِ دِرهَمِ حالَّةً فباعَه بألْفِ نَسيئةً، لَم يُنَفَّذْ، بَلْ يَتوقَّفُ، لِمَا قُلْنا (٢).

وَجاءَ في «مَجَلَّةِ الأحكامِ العَدْلِيَّةِ وشَرحِها»: إنْ كانَ قَدْ وُكِّلَ بالبَيعِ بالنَّقدِ صَراحةً، أو دِلالةً، فليسَ له أنْ يَبيعَ نَسيئةً، مثلًا لو قالَ المُوكِّلُ: بِعْ هذا المالَ نَقدًا، أو بِعْ مالي هذا، وأدِّ دَيْني، فليسَ لِلوَكيلِ أنْ يَبيعَ ذلك المالَ بالنَّسيئةِ؛ لأنَّ التَّقييدَ بالبَيعِ نَقدًا مُفيدٌ ومُعتبَرٌ؛ لأنَّه في البَيعِ مُؤجَّلًا


(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٤٤)، و «البيان» (٦/ ٤٣٦)، و «المغني» (٥/ ٧٧)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٢٥)، والمحرر (١/ ٣٥٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٧٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٧)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>