للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشَّيخانِ أبو حامِدٍ وأبو إسحاقَ: لا يَصحُّ ذلك، وَجهًا واحِدًا؛ لِتَضادِّ الغَرَضَيْنِ؛ لأنَّ عليه الِاستِقصاءَ لِلبائِعِ بالثَّمنِ، والِاستِرخاصَ لِلمُشتَرِي (١).

وقالَ الماوَرديُّ : إذا وكَّله في بَيعِ عَبدِه ووكَّله الآخَرُ في شِراءِ العَبدِ المُوكَّلِ في بَيعِه، لَم يَجُزْ؛ لِتَنافي المَقصودِ في العَقدَيْنِ. وكانَ له أنْ يُقيمَ على إحدَى الوِكالَتَيْنِ، فإنْ أرادَ أنْ يُقيمَ على أسبَقِهِما في بَيعٍ أو شِراءٍ جازَ، وإنْ أرادَ أنْ يُقيمَ على الثَّانيةِ مِنهُما كانَ بَيعًا أو شِراءً احتمَلَ وَجهَيْنِ: أحَدُهما: لا يَصحُّ؛ لأنَّ شَرطَ الأُولَى يَمنَعُ مِنْ جَوازِ الأُخرى. والوَجهُ الآخَرُ: يَجوزُ؛ لأنَّ الوَكالةَ لا تَلزَمُ؛ فلَمْ يَكُنْ لِلمُتقدِّمةِ مِنهُما تَأثيرٌ، وتَبطُلُ بقَبولِ الثانيةِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ وكَّله رَجُلٌ في بَيعِ عَبدِه ووكَّله آخَرُ في شِراءِ عَبدٍ فقِياسُ المَذهبِ أنَّه يَجوزُ له أنْ يَشترِيَه له مِنْ نَفْسِهِ؛ لأنَّه أَذِنَ له في طَرَفَيِ العَقدِ، فجازَ له أنْ يَليَهُما إذا كانَ غيرَ مُتَّهمٍ، كالأبِ يَشترِي مِنْ مالِ وَلَدِه لِنَفْسِه، ولو وكَّله المُتَداعيانِ في الدَّعوَى عَنهُما فالقِياسُ جَوازُه؛ لأنَّه يُمكِنُه الدَّعوَى عن أحَدِهِما والجَوابُ عن الآخَرِ وإقامةُ حُجَّةِ كلِّ واحِدٍ مِنهُما، ولِأصحابِ الشَّافِعيِّ في المَسألةِ وَجهانِ (٣).


(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٦/ ٤٢٠، ٤٢١).
(٢) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٣٨).
(٣) «المغني» (٥/ ٦٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>