للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُفرَ غيرِه؛ فإنَّه لا يَكونُ كافِرًا، ولِعدمِ استِغنائِه عن إضافَتِه إلى المُوكِّلِ.

فإنَّه إنْ أضافَه إلى نَفْسِه كانَ النِّكاحُ له، فكانَ كالرَّسولِ، وكانَتْ عِبارَتُه عِبارةَ المُرسِلِ، فكَأنَّ العَقدَ صَدَرَ مِنه، ومَن صَدَرَ مِنه العَقد رجَع إليه الحُقوقُ، كما في الضَّربِ الأوَل (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: أحكامُ عَقدِ البَيعِ وغيرِه وأحكامُ الحَلِّ كَذلك تَتعلَّقُ بالوَكيلِ دونَ المُوكِّلِ، فيُعتبَرُ في الرُّؤيةِ ولُزومِ العَقدِ بمُفارَقةِ المَجلِسِ والتَّقابُضِ في المَجلِسِ، حيثُ يُشترَطُ كالرِّبَوِيِّ ورَأْسِ مالِ السَّلَمِ الوَكيلُ، دونَ المُوكِّلِ؛ لأنَّ الوَكيلَ هو العاقِدُ حَقيقةً، وله الفَسخُ بخِيارِ المَجلِسِ، وإنْ أجازَه المالِكُ، وكذا بالخِيارِ المَشروطِ له وَحدَه.

وإذا اشترَى الوَكيلُ طالَبَه البائِعُ بالثَّمَنِ إنْ كانَ دفَعه إليه المُوكِّلُ لِلعُرفِ، سَواءٌ اشترَى بعَينِه أو في الذِّمةِ، ولِتَعلُّقِ أحكامِ العَقدِ بالوَكيلِ، وله مُطالَبةُ المُوكِّلِ أيضًا على المَذهبِ؛ لأنَّه المالِكُ.

وَإلَّا بأنْ لَم يَدفَعْه إليه، ولا يُطالِبُه إنْ كانَ الثَّمَنُ مُعيَّنًا؛ لأنَّه ليسَ في يَدِه، وحَقُّ البائِعِ مَقصورٌ عليه، وإنْ كانَ الثَّمَنُ في الذِّمةِ طالَبَه به وَحدَه دونَ المُوكِّلِ إنْ أنكَرَ وَكالَتَه، أو قالَ: لا أَعلَمُها؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه يَشتَري لِنَفسِه، وأنَّ العَقدَ وقَع مَعه.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٣، ٣٤)، و «العناية» (١١/ ٩٠، ٩٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٠، ١٧١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٧٣، ٤٧٧)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٤٧، ١٤٩)، و «الاختيار» (٢/ ١٩٠، ١٩١)، و «اللباب» (١/ ٥٥٥، ٥٥٦)، و «ابن عابدين» (٧/ ٢٨٥، ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>