فَإذا وكَّل رَجُلًا عاقِلًا جازَ، سَواءٌ كانَ حُرًّا أو عَبدًا، مُسلِمًا أو كافِرًا، ولا يَجوزُ أنْ يُوكِّلَ مَجنونًا ولا صَغيرًا؛ لأنَّه لا حُكمَ لِقَولهما، وفي جَوازِ تَوكيلِه لِامرَأةٍ وَجهانِ مَضَيَا في الخُلعِ، ثم الوَكالةُ على ضَربَيْنِ:
أحَدُهما: أنْ تَكونَ مُطلَقةً، وهو أنْ يَقولَ: قَدْ وَكَّلتُكَ في طَلاقِ زَوجَتِي فُلانةَ، فله أنْ يُطَلِّقَها على الفَورِ، وعلى التَّراخي، بخِلافِ ما لو ملَكها الطَّلاقَ لِنَفْسِها؛ لأنَّ هذه نِيابةٌ، وذاكَ تَمليكٌ؛ فَإنْ ذكَر له مِنْ الطَّلاقِ عَدَدًا لَم يَتجاوَزْه، فلَو قالَ له: طَلِّقْها ثَلاثًا، فقالَ لها: أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا، طُلِّقَتْ ثَلاثًا، ولو قالَ لها: أنتِ طالِقٌ ونَوَى أنْ يَكونَ ثَلاثًا، ففيه وَجهانِ: أحَدُهما: تُطَلَّقُ ثَلاثًا؛ لأنَّ نِيَّةَ الثَّلاثِ تَقومُ مَقامَ التَّلَفُّظِ بالثَّلاثِ. والوَجهُ الآخَرُ: لا تُطَلَّقُ ثَلاثًا، ولا تَقومُ نِيَّتُه مَقامَ نِيَّةِ الزَّوجِ؛ لأنَّ الزَّوجَ مَدِينٌ في الطَّلاقِ، مَعمولٌ على نِيَّتِه فيه، والوَكيلُ غيرُ مَدِينٍ في الطَّلاقِ، فلَمْ يَعمَلْ على نِيَّتِه فيه، وهَكذا لو طَلَّقها الوَكيلُ بالكِنايةِ مَع النِّيَّةِ، كانَ على هَذَيْنِ الوَجهَيْنِ، فلَو وكَّله أنْ يُطَلِّقَها ثَلاثًا فطَلَّقها واحِدةً، ففي وُقوعِها وَجهانِ: أحَدُهما: يَقَعُ؛ لأنَّه بعضُ ما وُكِّلَ فيه. والوَجهُ الآخَرُ: لا يَقَعُ؛ لأنَّه وُكِّلَ في طَلاقٍ بائِنٍ، وهذا الطَّلاقُ غيرُ بائِنٍ، فصارَ غيرَ ما وُكِّلَ فيه، فلَو وكَّله أنْ يُطَلِّقَها واحِدةً، لَم تَقَعِ الثَّلاثُ، وفي وُقوعِ الواحِدةِ وَجْهانِ: لو وكَّله في طَلاقِ واحِدةٍ مِنْ نِسائِه ولَم يُعيِّنْها له ففيه وَجْهانِ: أحَدُهما: أنَّ أيَّتهُنَّ طَلَّقها صَحَّ؛