للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتُجَّ بما رُويَ أنَّ الشُّبانَ من الصَّحابةِ في مَنازِلِهم وفي السَّفرِ كانوا يَترامَوْن بالجِلَّةِ وهي البَعرةُ اليابِسةُ، ولو كانَت نَجسةً لَمَا مَسُّوها، وعلَّلَ مالِكٌ بأنَّه وَقودُ أهلِ المَدينةِ يَستعمِلونَه استِعمالَ الحَطبِ.

ولنا: ما رَوَينا عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ «أنَّ النَّبيَّ طلَبَ منه أحجارَ الاستِنجاءِ فأتَى بحَجرَين ورَوثةٍ فأخَذَ الحَجرَين ورَمى الرَّوثةَ وقالَ: إنَّها رِكسٌ» أي: نَجسٌ، ولأنَّ مَعنى النَّجاسةِ مَوجودٌ فيها، وهو الاستِقذارُ في الطِّباعِ السَّليمةِ لاستِحالتِها إلى نَتنٍ وخَبثِ رائِحةٍ مع إمكانِ التَّحرزِ عنه، فكانَت نَجسةً.

ومنها خَرءُ بعضِ الطُّيورِ من الدَّجاجِ والبَطِّ، وجُملةُ الكَلامِ فيه أنَّ الطُّيورَ نَوعانِ:

نَوعٌ لا يَذرِقُ في الهَواءِ ونَوعٌ يَذرِقُ في الهَواءِ.

أمَّا ما لا يَذرِقُ في الهَواءِ كالدَّجاجِ والبَطِّ فخَرؤُهما نَجسٌ لوُجودِ مَعنى النَّجاسةِ فيه، وهو كَونُه مُستقذَرًا لتَغيُّرِه إلى نَتنٍ وفَسادِ رائِحةٍ فأشبَهَ العُذرةَ.

وفي الإوَزِّ عن أبي حَنيفةَ رِوايتانِ، رَوى أبو يُوسفَ عنه أنَّه ليسَ بنَجسٍ، ورَوى الحَسنُ عنه أنَّه نَجسٌ.

وما يَذرِقُ في الهَواءِ نَوعان أيضًا:

ما يُؤكَلُ لَحمُه كالحَمامِ والعُصفورِ والعَقعَقِ ونَحوِها وخَرؤُها طاهِرٌ عندَنا وعندَ الشافِعيِّ نَجسٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>